؛ أن ترى (المنافق) وهو يحتضن أناساً قد مزق جلودهم بأنياب السخرية والاستهزاء ثم يتحدث معهم ليعرف أنباء من حوله ويظهر أمامه بإحرام الطهارة وهو مجرد منها.. والآخر يظن أنه نجا من ذلك المنافق ولا يعلم بأنه أصبح جسراً يوصله للمزيد من الأخبار ومعبراً لغاياته الكثار.. لا بأس؛ ما أكثر المرضى وضحايا الوساوس والأوهام، شغلوا أنفسهم بالآخرين لأن ذواتهم خالية من الإبداع والعطاء فقاموا ب(الشوشرة) وتقصي الأخبار وحصلوا على مناصب وهمية في قلوب الآخرين كسفير النوايا الحسنة ولم يجر معه في قبره أي حسنة. شيء غريب؛ أن ترى شخصاً يحاول المجتمع أن يحضن خيباته ويلملم ضعفه وجروحه ثم يستبد ويتسلط ويفرض قوته وبغيه واتهاماته على من آووا فاقة شعوره ونصروه وخففوا حدة وطء المواقف من حوله.. لا بأس؛ صار أنانياً لأنه صدق أنه شخص يرغبه الآخرون رغم بذاءته وسلاطة حديثه، يدعي المثالية والاحترام وهو مجرد من الكرامة التي حثت عليها النصوص الإسلامية. شيء غريب؛ أن ترى الميسور يتظاهر بالضعف وينفق مزيداً من الأموال في طريق ماجن ثم يسرف في البذل لمن لا يستحق فقط لأنه يراعي المصلحة الذاتية.. نعم؛ هذا هو نفسه الذي كان يتحدث أمامك عن الفاقة والتعسر في الإنفاق فهو يبذل ما بيد الآخرين لمن يريد لا يهم طالما لم يبذل جهدا بل حصل على أمواله بالدهاء والادعاء. شيء غريب؛ أن ترى الإخوة وهم يتآمرون على أخ كان عزيزاً بينهم فذل، ويشدون الفرحة من يديه ليلتقمها الغريب أو صاحب الجاه، فيسرهم ما يرون من حال أخيهم المحتاج ويرجون له مزيداً من الانطفاء والانحناء. شيء غريب؛ أن ترى أمَّا تتفانى في إسعاد أبنائها ثم يردون لها صواع الإحسان بالنفور والإنكار، في حين كان هناك أبناء يتسللون ويتسولون البر من أم قاسية تجحد المعروف وتقذف جمر العداوة بين الأبناء. شيء غريب؛ أن ترى نفسك غريباً بين أهلك، غريباً بكل معاني الغربة ومشاقها وفرط شعورها، لا تستطيع العودة لنفسك القديمة، ولا تستطيع مواكبة النفس الجديدة، فتظل معلقا بين المواقف وتنتظر تصفيق النهايات.