لشعار يوم التأسيس أبعاد تاريخية حضارية؛ لما يتضمنه من رموز تحكي أصالة وماضي المملكة العريق، كما تعدُّ جزءاً من مكونات تاريخنا الوطني، فجميع الرسوم الرمزية التي أتت داخل إطار دائري تشابه رسوم اللوحات الصخرية التي تغطي معظم مناطق المملكة، والتي يعود تاريخها لآلاف السنين من يومنا الحاضر، وتعبر أيضاً عن مستوى فكر الإنسان القديم وطريقة تفاعله مع البيئة. إن مجرد التفكير في هذه الرموز يتبادر إلى الأذهان ما لها من دلالات نفخر بها، جمعت بين العراقة والقوة، فالخيل العربية ظهرت في العديد من الرسوم الصخرية منذ الألف الأول قبل الميلاد. وفي إحدى البعثات الاستكشافية الأثرية عثر على تمثال يشابه الخيل العربية يعود تاريخ صناعته إلى العصر الحجري الحديث، والخيل رمز للعروبة والفروسية وبطولة فارسها، كما أن النخلة لا تقل أهمية؛ إذ إن النخيل من الأشجار المنتشرة بشكل كبير في المنطقة، وجسدها الإنسان القديم برسمها على واجهات الصخور وجدران المعابد، وزينت بها الأواني الفخارية، والعملات. وفي ذات السياق، جمعت الأسواق العربية بين الجانبين الثقافي والاقتصادي، وتضمنت ميادين مناقشات وحوارات شعرية وأدبية، أشهرها عند العرب سوق عكاظ، وذي المجاز، ومجنة؛ إذ بلغ عدد هذه الأسواق في القرن الثالث الميلادي 20 سوقاً. كما أن النشاط الثقافي لا يقل مكانة عن النشاط التجاري، فالأشعار تنشد والقباب تضرب لحكام الشعر، مثل: قبة الشاعر «النابغة الذبياني» في سوق عكاظ؛ وكان الشعراء يأتون إليه عارضين عليه أشعارهم ليقيّمها، ومتنافسين في نظم أبيات الفخر فيتباهون ويتناشدون أشعارهم، ضف إلى ذلك الخطب البلاغية التي تؤكد فصاحة اللسان العربي، ومن أشهرهم الخطيب المفوه قس بن ساعدة، الذي عُرف بفصاحته وبلاغته، وبلغت خطبه من الحسن منتهاه، أما عناية العرب بالجانب الثقافي فقد بلغ مداه؛ فلم يكتفوا بإذاعة الشعر على الملأ، بل وثقوا ذلك بأن ثبتوا تلك المعلقات على أستار الكعبة؛ لما للشعر من أهمية في حفظ التراث والتاريخ ومفاخر القبيلة ووقائعها؛ فالشعر - كما يقولون - ديوان العرب. دلالات الشعار تحكي أصالة المملكة وماضيها العريق تعبر عن مستوى فكر الإنسان وطريقة تفاعله التسامح والقوة إذا ما نظرنا إلى العلم والصقر نجد أنهما لا يقلان أهمية عن الرموز الأخرى؛ فقد عرفت الرايات منذ القدم ما بين القرن السادس والخامس قبل الميلاد؛ وذلك لعلاقتها ودلالاتها الرمزية ذات الصلة بالهوية والثقافة، وها هو العلم السعودي في لونه ورموزه دلالات متباينة، فاللون الأخضر والأبيض يرمز إلى «التسامح والعدل»، والسيف إلى «القوة»، وكلمة التوحيد تدل على أن الحكم بكتاب الله وسنة رسوله هما منهج المملكة، وأما الصقر فيدل على «الشجاعة وعزة النفس والعلو والسرعة»، لا سيما ونحن نعيش تغيرات وتسارعاً في التنمية في كافة المجالات منذ توحيد نجد على يد المغفور له الإمام محمد بن سعود، ومن ثم توحيد المملكة في عهد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، وصولاً إلى عهد الملك سلمان وولي عهده الأمين، وما تشهده المملكة من نقلة نوعية وتسارع في التنمية، والتي منها التنمية المستدامة في القطاعات كافة. كل هذه الرموز على تباينها ودلالاتها تقدم لنا القيمة الجمالية لطبيعة البيئة العربية، ورمزية تراثه ذات الصلة المباشرة بالموروث التاريخي والحضاري المعزز للهوية والترابط الاجتماعي. مجملاً؛ تاريخنا الوطني تجاوز ثلاثة قرون، لارتباطه الوثيق بالجزيرة العربية تاريخياً وحضارياً.