لم يتوقف العرب دولاً وشعوباً منذ الساعة الأولى للزلزال عن هبتهم الشعبية في مساعدت إخوانهم في تركيا وسورية، إذ انطلقت التبرعات ودشنت الحملات، وكانت حملة «ساهم» التي أطلقتها السعودية هي باكورة العمل العربي. ووصف مراقبون عرب الموقف الشعبي العربي بأنه انتفاضة إنسانية وأخوية لدعم تركيا وسورية من أجل مواجهة داعيات وآثار الزلزال الذي ضرب البلدين وتسبب في مقتل أكثر 26 ألف شخص وإصابة أكثر من 100 ألف شخص. ووصل إجمالي التبرعات في منصة ساهم السعودية أكثر من 253 مليون ريال سعودي، وشارك فيها أكثر من 750 ألف متبرع، فيما طالب خطباء المساجد في مختلف أنحاء المملكة الشعب السعودي والمقيمين بالوقوف مع إخوانهم المتضررين في سورية وتركيا عبر المنصة. ووصلت إلى تركيا 6 طائرات سعودية إغاثية إضافية ضمن جسر جوي سيرته المملكة للإسهام في إغاثة متضرري الزلزال، إنفاذا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان. وأدى آلاف الأشخاص صلاة الغائب في مساجد دول عربية عدة (الجمعة) على أرواح ضحايا الزلزال في تركيا وسورية، كما دعا خطيب المسجد الحرام في مكةالمكرمة المسلمين إلى دعم تركيا وسورية في مواجهة الزلزال، داعين بالرحمة للموتى والشفاء للمصابين. وطالب مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي بالمسارعة لإغاثة المتضررين من الزلزال في تركيا وسورية، فيما واصل فريق الإمارات للبحث والإنقاذ أعماله الإغاثية بتركيا للبحث عن ناجين أسفل الأنقاض، متنقلا على 3 مناطق هي الأصعب في محافظة كهرمان مرعش (مركز الزلزال) منذ حدوث الزلزال. وشهدت التبرعات العربية على المستويين الرسمي والشعبي تدفقا لافتا، إذ أعلنت الجزائر تخصيص مساعدات مالية بقيمة 30 مليون دولار لتركيا، و15 مليون دولار لسورية؛ تنفيذا لتعليمات الرئيس عبدالمجيد تبون. وأعلنت الخارجية الأردنية مساء الجمعة إرسال مستشفى ميداني عسكري إلى كهرمان مرعش، إلى جانب بدء إرسال قوافل برية إلى سورية وتركيا، للمساعدة في مواجهة آثار الزلزال الذي ضرب البلدين، فيما قال وزير الأوقاف والشؤون الدينية الشيخ حاتم البكري إن حصيلة التبرعات التي جُمعت من مساجد الضفة الغربية بعد صلاة الجمعة بلغت نحو 3 ملايين و500 ألف شيكل (نحو مليون دولار). وفي لبنان، أعلن وزير البيئة ناصر ياسين أن بلاده تعتزم إرسال بعثات إضافية إلى تركيا للمشاركة في أعمال الإغاثة عقب الزلزال المدمر الذي ضربها. وأطلقت الكويت اليوم حملة موسعة لجمع التبرعات لإغاثة منكوبي الزلزال تحت عنوان «الكويت بجانبكم»، بتوجيهات من القيادة السياسية، وفقاً لوكالة الأنباء الكويتية (كونا)، فيما أعلن طيران الإمارات اعتزامه تسيير جسر جوي إنساني لدعم جهود الإغاثة بتركيا. وأعلن الجيش السوداني إرسال طائرة مساعدات إنسانية إلى تركيا لإغاثة المتضررين من الزلزال، فيما أعلنت هيئة الدفاع المدني والإسعاف العُماني أن فريقها الوطني يواصل عمليات البحث والإنقاذ مع الفرق الدولية الأخرى، وتقديم العناية الطبية للمتضررين جراء الزلزال في تركيا. وفي ألمانيا، أطلقت الجاليتان التركية والسورية حملات تبرع لإغاثة المتضررين في المناطق التي ضربها الزلزال، فيما دعا عمدة لندن صديق خان إلى المشاركة في حملات التبرع في بريطانيا لمتضرري زلزال تركيا وسورية المدمر. بدوره، أكد الكاتب البريطاني ديفيد هيرست أن زلزال تركيا وسورية كشف الوجه الحقيقي لأوروبا والغرب عموما، وأثبت للعالم أن الغرب مهتم بالتدمير والحرب أكثر من اهتمامه بالتعمير، موضحاً في مقال نشره موقع «ميدل إيست آي» البريطانية، أن هذا الزلزال المدمر وفّر فرصة للغرب ليظهر للعالم أنه قادر على إعادة البناء مثل قدرته على التدمير، وعلى توفير قيادة أخلاقية وإنسانية لملايين الناس، لكن هذه الفرصة ضاعت بسبب أن الغرب الآن مهتم بالحرب أكثر من أي شيء آخر. وأشار إلى أن عشرات الدول أرسلت فرق البحث والإنقاذ، بعد 3 أيام فقط من وقوع هذه الكارثة، وفي اللحظة التي تتحول فيها عملية البحث والإنقاذ إلى عملية انتشال بطيئة وكئيبة للجثث؛ فإن المأساة بدأت تختفي من العناوين الرئيسية لوسائل الإعلام في أوروبا، الجار المباشر لتركيا.