هاجس يؤرق الحكومات والمجتمعات، والسبب استنزاف للموارد المادية والطاقات البشرية، تستهدف المجتمعات في أهم مقومات الحياة وهو العنصر البشري، إضافة إلى ما تكبده من مشاكل اجتماعية ونفسية وخسائر مادية ضخمة، مما أصبح لزاماَ العمل على إيجاد الحلول والاقتراحات ووضعها موضع التنفيذ للحد من هذه الحوادث أو على أقل تقدير معالجة أسبابها والتخفيف من آثارها السلبية. تشير الدراسات إلى مشاركة ثلاثة عناصر في الحوادث المرورية، ويعد العنصر البشري من أهم تلك العناصر ويتشارك معه الطريق والمركبة. وبناءً على تقارير لمنظمة الصحة العالمية يقضي نحو 1.3 مليون نسمة نحبهم كل عام نتيجة حوادث المرور، وتمثّل الإصابات الناجمة عن حوادث المرور أهم أسباب وفاة الشباب من الفئة العمرية 15-29 سنة. حوادث قاتلة والسبب .. كشف مدير عام المرور العميد محسن الزهراني، أن الأشهر الماضية شهدت وقوع حوادِث قاتلة راح ضحيتها أسر كاملة في عدة مناطق بالمملكة بسبب استخدام الجوال. وأضاف العميد الزهراني، أحد الحوادث المروعة أسفر عن وفاة سبعة أشخاص، وآخر أدى إلى وفاة أسرة كاملة وإغلاق بيتهم، مهيباً بالجميع عدم استخدام الجوال أثناء القيادة إلا للضرورة. وطالب الزهراني، جميع مستخدمي الطرق وكل من يملك مركبة بأن يُحَاذر من استخدام الجوال. وأكد مدير عام المرور، انخفاض الوفيات الناتجة عن الحوادث في المملكة من 27 وفاة لكل 100 ألف في 2016، إلى 13.17 وفاة لكل 100 ألف في 2021، وذلك نتيجة الجهود المبذولة من لجان السلامة المرورية في مناطق المملكة. وأشار إلى أن وزارة الداخلية تسعى إلى تخفيض النسبة إلى الثلثين؛ أي إلى ثماني وفيات لكل 100 ألف خلال 2030، مطالباً جميع الجهات المختصة بالتكاتف لتحقيق الهدف المنشود. وأضاف: لتحقيق أهداف وزارة الداخلية نسعى إلى خفض نِسَب الوفيات الناتجة عن حوادث الطرق بحلول 2030، إلى الثلثين تقريباً، مشيراً إلى أن حوادث الطرق تُعَد من أهم التحديات التي تواجه العالم على مستوى الدول، ويعود ذلك إلى ارتفاع معدل استخدام المركبات.. وللوصول إلى مجتمع خالٍ من الحوادث المرورية لا بد من تضافر جميع الجهود مع الجهات ذات العلاقة وفيما بينها، وإيجاد الحلول المبتكرة من الدراسات والبحوث العلمية، والاطلاع على التجارب العالمية الناجحة وإمكانية الاستفادة منها، لرفع مستوى ومبدأ السلامة المرورية. وأشار الزهراني إلى أن هناك إستراتيجية للمملكة إجمالاً، ومن خلال اللجان العليا لانخفاض هذا الرقم حتى يصل إلى ثماني وفيات وأقل -إن شاء الله- لكل 100 ألف وفق الرؤية، مؤكدين دور المسؤولية المجتمعية؛ باعتبارها محوراً مهماً وعنصراً أساسياً من عناصر اللجان. تكنولوجيا لخفض الحوادث تبنت المملكة الاعتماد على التكنولوجيا للتحذير من مخاطر الطرق التي تسهم في خفض الحوادث المرورية في 2020، مقارنة بعامي 2018 و2019. وعمدت وزارة النقل على تغطية عدد من الطرق باستخدام إشارات تحذير صوتية آلية لتنبيه السائقين عندما يخرجون من المسار المحدد بسبب النعاس أو استخدام الهاتف المحمول أثناء القيادة أو بسبب ضعف الرؤية نتيجة للظروف الجوية القاسية. وقد أدت هذه الإجراءات الحيوية إلى انخفاض عدد الوفيات. وفيات الحوادث 40% حققت اللجنة الوزارية للسلامة المرورية في السعودية إنجازاً أشادت به منظمة الصحة العالمية التي أكدت في تقرير حديث لها انخفاض نسبة الوفيات الناجمة عن الحوادث المرورية بنسبة 40% خلال السنوات الثلاث الأخيرة. وأثنت منظمة الصحة العالمية على الجهود المبذولة لرفع مستوى السلامة المرورية بالمملكة، مستعرضة النتائج الإيجابية التي حققتها في خفض معدل الوفيات الناجمة عن حوادث المرور بنسبة 40% خلال السنوات الثلاث الماضية. انخفاض في عدد الوفيات أظهرت الإحصاءات تسجيل عدد الوفيات في 2018، نحو 5787 شخصاً، فيما كان إجمالي الإصابات في ذلك العام 30.579 مصاباً، وانخفضت أرقام الوفيات انخفاضاً طفيفاً لتسجل 5754 متوفى في 2019، أنثى 673 والذكور 5081، ولكن ارتفعت الإصابات لتسجل 32.910 مصابين، منهم 5629 أنثى، و27281 ذكراً. وبلغت وفيات 2020، نحو 4618 شخصاً؛ منهم وفاة 510 إناث، و4108 ذكور، مقابل 25.561 مصاباً، منهم 4069 أنثى، و21492 ذكرا. ولم يكن العالم بمنأى عن تسجيل حوادث مرورية حيث تزهق أرواح 1.25 مليون شخص تقريباً نتيجة لحوادث المرور، ويتعرض ما بين 20 مليوناً و50 مليون شخص آخر لإصابات غير مميتة ويُصاب العديد منهم بالعجز نتيجة لذلك حول العالم. أظهرت دراسة حديثة أن الحوادث المرورية تعد السبب الأكبر لوفيات الأطفال في المملكة بنسبة تصل إلى 40%، مبينة أن 50% من الوفيات في حوادث السيارات بين الأطفال الصغار تحدث نتيجة تجاهل استخدام المقاعد المخصصة لهم لمن أعمارهم أقل من 5 سنوات. وبينت الدراسة التي أجراها (كرسي أرامكو للسلامة المرورية) بجامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل، أن مقاعد الأطفال تخفض نسبة الوفيات عند الرضع بنسبة 71% كما تقلل الإصابات والاحتياج إلى العلاج بالمستشفى بنسبة 69%. وكشفت عضو مجلس إدارة الجمعية السعودية للسلامة المرورية نورة العفالق، أن الدراسة تتضمن إحصاءات خطيرة، وتعد جرس إنذار حول ضرورة استخدام مقعد للأطفال في السيارات وبمواصفات معينة تحقق السلامة للأطفال. ونبهت العفالق، إلى أن الدراسة نوهت بأن نسبة استخدام الأطفال الصغار للمقاعد داخل السيارات ضئيلة للغاية وتعكس عدم العناية بهذا الأمر، حيث أشارت الدراسة إلى أن نسبة استخدام المقاعد 27% فقط وذلك للأطفال الصغار أقل من 5 سنوات، بينما الأطفال الذين تزيد أعمارهم على خمس سنوات تصل نسبة استخدامهم للمقاعد 12%. وأوضح رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للسلامة المرورية الدكتور عبدالحميد المعجل، أن الدراسات تؤكد أن يؤدي استخدام مقعد الطفل إلى تقليل الوفيات بنسبة 60%، كما بيّنت أن استخدام مقعد السيارة يقلل من خطر الإصابة في حادث تصادم بنسبة 71- 82% للأطفال مقارنة باستخدام الحزام فقط؛ بينما نسبة استخدام مقاعد الأطفال في المملكة أقل من 10%. توقف غير النظامي الخبير الأمني اللواء متقاعد مسفر داخل الجعيد، شدد على أن أحد أبرز مسببات الحوادث المرورية هي السرعة الزائدة، مبيناً أن استخدام الهاتف المحمول يعد ثاني الأسباب، بالإضافة إلى مخالفة أنظمة المرور كعدم التقيد بإشارات المرور، والتجاوز الخاطئ والتوقف غير النظامي. وبين الجعيد، أن تلك الأسباب تعد من أبرز مسببات الحوادث المرورية وما تخلفه من خسائر بشرية ومادية، فيما يأتي عدم الالتزام بربط حزام الأمان من الأسباب التي تؤدي إلى إحداث إعاقة وحدوث وفيات. ونبه الجعيد من إهمال اشتراطات السلامة في المركبة التي تؤثر على مستوى السلامة المرورية بشكل عام من حيث عدد الحوادث وخطورة الإصابات، ومنها عجلات المركبة التي يجب التنبه لها وتفقدها قبل السير بها على الطرق السريعة.