لا أعلم: هل هي قاعدة أم مقولة، نطقها شخصٌ ما في يوم من الأيام فأصابت؟!، وهذا ما يحققه واقعنا، فكل جديد غالٍ، ليس بمقتنياتنا الشخصية أياً كان ثمنها، بل وصلت إلى مستوى كل جديد من البشر بحياتنا، وتاريخ دخوله إلى محيط عالمنا، فما يحدد «غلاوته» هو تاريخ استجداده.. هذا الكلام ليس من إنشائي أو ترتيب لكلماتي، بل حقيقة إن علاقاتنا أصبحت تحدد بكل جديد فيمحو الذي قبله. وثمة أمثلة عديدة على ذلك، مثل صديقين تعايشا مواقف كثيرة لسنوات طوال، أو قلبين جمعهما الله وأنزل مزون الحب داخلهما فزرعا حديقة حبهما، فيدخل طرف ثالث بين الصديق وصديقه والحبيب وحبيبه، فيتوجه بالكلية ذلك الصديق أو الحبيب للطرف الجديد ويترك خليله القديم. أما استوقفنا هذا الميزان لوزن هذه «الغلاوة» وتساءلنا: كيف اندحرت؟!، وكيف تلاشت تلك المشاعر وأصبح القلب قطعة من حديد تجاه الرفيق القديم؟!، كيف لهذا القلب أن يتناسى ويتبدل بسرعة تفوق سريان الدم في الشريان؟!.. هل هذا الأمر منطقي يتلاءم مع فطرتنا وإنسانيتنا؟ أصبحنا نتحسس من مواصلة أية علاقة، خوفاً من ذاك الجديد الذي يحل يوماً مكاننا ويحتل تفاصيل وجودنا.. أصبحنا نضع قوانين مشددة على علاقتنا، فانطمست تلك العفوية البريئة.. أصبحنا نقتصر مسافات اللقاء الروحي، فإن ابتعدت الأرواح انتهى أمر التلاقي. أما الاستفهامات الأكثر حيرة؛ فهل في الكون من يحتفظ بقديمه مهما تقادم وظهر منه أسوأ ما فيه وبدأت معالم تعري الزمن تخفت جمال حضوره؟.. إن كان ما زال هناك في بقعة من هذه المعمورة فإني أنحني له بقلبي احتراماً وأقدس فيه إنسانيته وأهمس في أذنه: احذر أن تختلط بهؤلاء فإنهم سيدنسون هذا القلب الفريد، وتأكد أنك كائن فريد فلا تنقرض.. دعك كالقمر وحيداً في السماء نناجيه بما في خواطرنا، ونهمس له بمشاعر جميلة لا نرى جمالها ونشعر بها إلا معه.. فكن أنت الجميل في زمن تشوه فيه الكثير، والكثير جداً.