أدى المعلمون والمعلمات اختبار الرخصة التربوي، الذي يعد شرطاً للعلاوة والترقيات، وهو نهج وزارة التعليم لتطوير معلميها، فخرجوا عن بكرة أبيهم تلبية للنداء، وطاعة لولاة الأمر، وحباً في الوطن، وإجلالاً لمهنتهم، وما لبث أن عادوا من الاختبار يجرون خيبة أملهم ويلملمون شظاياهم ليقفوا من جديد بكل إباء يؤدون رسالتهم التي شرفهم الله بها وخصهم ورفع بها مكانهم. هذا هو المشهد والنص والقصة في ظاهرها وما خلف الكواليس، وبين الأسطر وثنايا القصة ما يعجز الشعور عن وصفه والكلمات عن صياغته.. وأجدني مضطرة لاختزال تبيانه في ثلاثة أمور: أولاً: المنهج وتوفره؛ إذا كان الاختبار مطلباً أساساً، فأي المراجع نعتمد؟، لقد تكالبت علينا المواقع بعشوائية كل يدلي بدلوه ويشير إلى مراجعه، والمعلم المسكين يركض هنا ويبحر هناك في محاولة للحاق ما أمكن بأي معلومة قد تغير مصيره ومساره. ثانياً: الاختبار وعدالته؛ لكل اختبار صدقه وموضوعيته وتفاوته في القياس وتنوعه بين السهل والصعب، لكن اختبار الرخصة كان أشبه بفك شفرة «كريبتوس» (Kryptos) أو مخطوطة «Voynich». ثالثاً: وقت الاختبار وتوقيته؛ الذي جاء إلزامياً في وقت حرج، وهو الوقت المخصص لإنهاء المناهج ورصد الدرجات ولملمة رفات فصل دراسي يكاد ينصرم، إضافة إلى أن أداءه الفعلي مقدر بزمان لا يكفي سبر أغواره وفك طلاسمه. بعد كل ما سبق؛ ما الغرض من كل هذا التعجيز؟ لأنه لا يمكن لأي بصير إلا أن يدرك أنه التعجيز والقهر وامتهان القدرات. لقد أدى المعلم والمعلمة كل ما يستطيعون لتعليم يرقى ويشرِّف الوطن، وقدموا صوراً منقطعة النظير، كل في مجاله وحسب تخصصه، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟، هل جزاؤنا أن نتصدر «الترندات» ضحكاً واستخفافاً وتنكيتاً بقدراتنا؟، هل جزاؤنا أن يُزج بنا في لجان تفتقر فنون الذوق والتعامل والإنسانية إلا من رحم ربي؟، هل جزاؤنا أن ننشطر إلى أجزاء في محاولة لإدراك ما يمكن بين الواجبات المقررة والطموحات المعلقة؟