لم تعد تعرف رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس من أين ستأتيها الضربة، من وزرائها الذين يخطط بعضهم للاستقالة، أم من حزبها الذي يعتزم سحب الثقة منها، أم من الشارع الذي يواجه ظروفا معيشية صعبة خصوصا مع قرب دخول فصل الشتاء. وكشفت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أن أعضاء في البرلمان سيحاولون الإطاحة برئيسة الحكومة هذا الأسبوع، على الرغم من تحذير «داوننغ ستريت» من أن ذلك قد يؤدي إلى إجراء انتخابات عامة. ونقلت الصحيفة عن مصادر لم تكشف النقاب عنها قولها: «إن أكثر من 100 عضو في البرلمان ينتمون إلى حزب المحافظين الحاكم مستعدون لتقديم رسائل بسحب الثقة من تراس إلى غراهام برادي رئيس لجنة حزب المحافظين التي تنظم انتخابات القيادة». وأفاد تقرير الصحيفة بأن النواب سيحثون برادي على إبلاغ تراس أن «وقتها انتهى» أو تغيير قواعد الحزب للسماح بالتصويت الفوري للثقة في قيادتها. وأضاف أن غراهام يقاوم هذه الخطوة قائلاً إن تراس ووزير المالية المعين حديثا جيريمي هانت يستحقان فرصة لوضع إستراتيجية اقتصادية في ميزانية يوم 31 أكتوبر الجاري. فيما أفصحت صحيفة «تايمز» أن بعض أعضاء البرلمان عقدوا مباحثات سرية بشأن استبدال تراس بزعيم جديد. وفقدت بريطانيا الغارقة في أزمة سياسية ثلاثة رؤساء ووزراء منذ أن صوتت على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي في عام 2016. وفازت تراس بقيادة حزب المحافظين الشهر الماضي بعد أن وعدت بخفض الضرائب، وهي تقاتل الآن من أجل بقائها السياسي بعد أن تخلت عن بنود رئيسية من البرنامج. وأثارت الفوضى سخطاً داخل الحزب الذي أظهرت استطلاعات الرأي تقدم حزب العمال المعارض عليه. وكانت صحيفة «الغارديان»، ذكرت أن كبار أعضاء حزب المحافظين سيعقدون محادثات اليوم (الإثنين)، بشأن الطريقة التي يمكن بها إزاحة تراس من منصبها سريعا «لإنقاذ الحزب». وقالت في تقرير لها إن ما بين 15 و20 وزيرا سابقا وكبار أعضاء البرلمان الآخرين تمت دعوتهم إلى «عشاء للكبار»، عقده مؤيدون بارزون لريشي سوناك، أكبر منافسي ليز تراس، للتخطيط لكيفية إبعادها وتنصيب سوناك وزميلته المنافسة على القيادة بيني موردونت، وموعد تنفيذ هذه الخطوة. واهتزت الثقة في قيادة ليز تراس يوم 23 سبتمبر الماضي، حينما كشفت رفقة وزير المالية السابق كواسي كوارتنغ عن برنامج مستوحى من خطة الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريغان في ثمانينيات القرن الماضي، بقيمة 45 مليار جنيه إسترليني (50 مليار دولار) من تخفيضات ضريبية ممولة حصرا من الديون المرتفعة. وتراجعت الأسواق البريطانية إثر الكشف عن هذه الخطة، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض لملايين البريطانيين. وأدى الاضطراب الحالي داخل حزب المحافظين الحاكم إلى تقدم حزب العمال المعارض في استطلاعات الرأي، في مقابل تراجع شعبية الحزب الحاكم، وذلك قبل عامين من موعد الانتخابات العامة القادمة.