حين يتوقف الإنسان لتقييم مسيرة حياته وما قطعه من مراحل دراسته، وما استقاه من معلميه من فوائد لا تزال بصماتها ذات أثر؛ يتذكر أولئك الذين غرسوا في النفس ما أنتج عنه أطيب الثمر، أولئك الذين زرعوا اللبنات الأولى على مدارج أعمارنا، فحصدنا مفهوم «للحياة قيمة.. وللعطاء معنى». وفي رسالتي إلى قدواتنا المعلمين؛ الأحياء منهم والأموات، أقول: أنتم أساتذتنا في الحياة، فلا أستطيع أن أخص أحداً منكم في سنوات دراستي، وأدين بالفضل لكل من علمني حرفاً، فهناك مجموعة من الأساتذة الأفاضل من الرعيل الأول الذين كان لهم الفضل في تعليمي وإرشادي إلى طريق المعرفة. معلمو زمن مضى أدوا الرسالة، ثم جيل آخر من المعلمين بذلوا جهوداً في التربية، وستأتي أجيال أخرى من المعلمين يعلّمون أجيالاً آخرين إلى أن تقوم الساعة. إذن؛ المعلّم المعطاء خير إنسان على هذه البسيطة، يعطي ويمنح إلى ما لا نهاية، يعطي ما استقاه من معرفة ولا يبخل بها، ينير درب الحياة للجيل، ويعمل على صناعة عقول نيّرة وبناء مجتمع قويّ متعلم. أنتم -أيها المعلمون- تحملون مسؤولية بناء أجيال بما تزرعونه من أنوار في العقول؛ تنقشون الوعي بالمسؤولية الوطنية وحب الوطن منذ الصغر حتى تصبح أحفورة لا يمكن زوالها وتغيُّرها مع الزمن، فمن المستحيل أن يعرف الإنسان طريقه دون أن يتعلم من معلمه. فما أجمله من فضل يقدمه المعلم، وما أجمل تلك السعادة التي يصبها في قلوب طلابه، وما أجملها من لحظات ينجح فيها طالب ويتفوق فتغمره سعادة لا مثيل لها، أنتم -أيها المعلمون- محصلتها، فلكم الأجر والثواب عندما تكون رسالتكم هادفة وخالصة النية. همسة وَمَن لَم يَذُق مُرَّ التَعَلُّمِ ساعَة تَذَرَّعَ ذُلَّ الجَهلِ طولَ حَياتِهِ وَمَن فاتَهُ التَعليمُ وَقتَ شَبابِهِ فَكَبِّر عَلَيهِ أَربَعاً لِوَفاتِهِ وَذاتُ الفَتى وَاللَهِ بِالعِلمِ وَالتُقى إِذا لَم يَكونا لا اِعتِبارَ لِذاتِهِ