مع تطور الخدمات التقنية بشكل متسارع وتعدد وسائل حماية المعلومات التي تحظى بها قطاعات عدة في المملكة كقطاع البنوك الذي يحرص على توفير أنظمة حماية تقنية ذات كفاءات عالية. ففي المقابل، كثرت عمليات الاحتيال المالي في الآونة الأخيرة على مستوى الأفراد وتعددت طرق الخداع؛ إما بالمكالمات الهاتفية أو عبر برامج التواصل الاجتماعي، وذلك بإرسال الروابط المشبوهة أو طلب المعلومات والأرقام السرية للحسابات رغم التحذيرات الدائمة من البنوك بالحرص على سرية البيانات الخاصة بالعملاء، إلا أن الوقوع في براثن هذه العمليات أصبح في تزايد تبعاً لانخفاض مستوى الوعي بالخطر لدى البعض، وبالتالي الوقوع فريسة لعملياتهم المشبوهة، فمن منا لم يتلقَ مكالمة يدعي المتصل أنه يتبع جهة أو بنكاً ما، ويتدرج بطلب معلوماتنا البنكية ومحاولة توريطنا بروابط تستهدف سرقة حساباتنا وتحت ذرائع وإغراءات مختلفة؟ مجتمعنا السعودي مجتمع طيب السليقة وحسن الطوية، ويقدم حسن النوايا على أسوأها في الغالب، وهذا أمر يدركه المحتالون حولنا، وهو المحفز الأكبر لنجاح عملياتهم في التصيد الإلكتروني، وبأساليب مقاربة للهندسة الاجتماعية في المملكة وبلهجات تحاكي لهجاتنا وتوهم الضحايا بحقيقة ادعاءاتهم لاستدراجهم؛ إما من خلال روابط مزيّفة للإفصاح عن معلومات شخصية أو مصرفية تستهدف الحصول على أموالهم، فينتحلون مثلاً صفة موظفي البنوك لتمرير معلومات كاذبة تطلب تلافي إيقاف الحسابات البنكية وتزويدهم بالبيانات السرية الخاصة، أو الاستثمار المالي عبر عمليات مشبوهة أو تزييف مواقع لبيع سلع وهمية لسرقة معلومات البطاقات البنكية، أو شركات وهمية لسداد المديونيات. ومن أساليب الاحتيال انتحال أسماء شركات موثوقة ومعروفة، مثل شركات توفير العمالة والشحن وغيرها، كما لاحظنا في مواقع التواصل الاجتماعي كثرة استدراج الراغبات في تعلم القيادة والحصول على رخص القيادة إلى فتح روابط لتقديم الطلب، ومن خلال تلك العملية تتم سرقة البيانات الشخصية والوصول إلى البيانات البنكية والسطو على الحساب، ومن تلك الأساليب أيضاً الترويج للتداول بالعملات (الفوركس) من خلال مواقع وجهات غير نظامية، وكذلك الرسائل المظللة التي تدعي أنها من جهات رسمية لجمع التبرعات والحث على أعمال الخير، ويقع فيها الكثيرون؛ خصوصاً من كبار السن الذين نتحمل مسؤولية توعيتهم بحفظ مدخراتهم من هذه العمليات وعدم الإفصاح أو المشاركة بالمعلومات الشخصية والمصرفية ورموز التوثيق مع أي شخص كان ومهما كانت صفته أو عروضه. أطلقت البنوك السعودية حملة توعوية وطنية واسعة تحت شعار «خلك حريص» بالتعاون مع الاتحاد السعودي للأمن السيبراني، وذلك في إطار التوعية ومكافحة عمليات الاحتيال وخلق إستراتيجية تواصل مع جميع الفئات المستهدفة وبمختلف القنوات والمنصات المتاحة، وتهدف المبادرة إلى توعية المستخدمين وكل من تورط في حبائل النصب والاحتيال وسلم بياناته الشخصية والبنكية دون وعي بهذا المنزلق، ودون استحضار لتحذيرات البنوك المستمرة التي تمنع الإدلاء بأي معلومات شخصية إلى موظفي البنوك الحقيقيين، ناهيكم عن شخصيات مشبوهة تتواصل من أرقام ومواقع مشبوهة وتطلب بيانات ومعلومات من المفترض أنها سرية! وهنا يأتي دورنا الوطني والاجتماعي بالتحذير ورفع مستوى الوعي بالتبليغ عن هذه العمليات عبر القنوات الرسمية؛ في مقدمتها مركز العمليات الموحد لمكافحة الاحتيال المالي في البنك المركزي السعودي، ف«خلك حريص» على نفسك وأهل بيتك ومجتمعك.