تكتسب العلاقات التي تربط بين السعودية وفرنسا أهمية خاصة، في ظل تسارع المتغيرات الدولية والإقليمية التي تتطلب تبادل الآراء وتنسيق المواقف بين المملكة والدول الصديقة التي تتبوأ فيها فرنسا موقعاً متميزاً. وتهدف سياسة البلدين الصديقين بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والرئيس إيمانويل ماكرون إلى الإسهام في تحقيق الأمن والاستقرار والسلام في العالم عموماً وفي المنطقة خصوصاً. ويعبر البلدان في كل مناسبة عن ارتياحهما التام لتطور العلاقات الثنائية في مختلف مجالاتها السياسية والاقتصادية والثقافية والدفاعية وعن تطابق وجهات النظر حيال الكثير من القضايا المشتركة.تعاون أمني وعسكري يرتكز التعاون الأمني والعسكري بين السعودية وفرنسا على الاتصالات الوثيقة بين البلدين في مجالات التدريب والتسليح لتعزيز الأمن الداخلي للمملكة، ودفاعها عن مقدساتها وأراضيها والحق والعدل والسلم في العالم، وتبرز الزيارات المتبادلة بين المسؤولين العسكريين والأمنيين في البلدين تقارب وجهات النظر السياسية وتعزيز التعاون الأمني والعسكري بينهما. ويتمثل التعاون في هذا المجال في التدريب الأمني وتسليح القوات البرية والبحرية والجوية في المملكة العربية السعودية، ففي عام 1429ه وقعت المملكة العربية السعودية وجمهورية فرنسا اتفاقية أمنية في مجال قوى الأمن والدفاع.الثقافة السعودية - الفرنسية في الأول من شعبان 1431ه الموافق 13 يوليو 2010م، افتتح الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، ونظيره الفرنسي بيرنار كوشنير معرض (روائع آثار المملكة) في متحف اللوفر، الذي استمر شهرين، وعبر الأمير سعود الفيصل، في كلمة له حينها، عن سروره بتدشين المعرض السعودي (روائع آثار المملكة عبر العصور) في متحف اللوفر مع وزير خارجية فرنسا بيرنار كوشنير. وفي 26 جمادى الأولى 1433ه الموافق 18 أبريل 2012م، أقيمت فعاليات الأيام الثقافية السعودية في مقر اليونيسكو بباريس، التي تحكي سيرة المملكة العربية السعودية منذ توحيدها على يدي الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، والنهضة الثقافية والعلمية التي تطورت في المملكة حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن.تبادل وشراكة تجارية السعودية شريك مهم لفرنسا من خلال كونها القوة البتروكيماوية العالمية، كما أن فرنسا هي أيضاً شريك قوي لها من حيث معدات النقل والزراعة والبضائع التي يتم إنتاجها في فرنسا، وزاد حجم الاستثمار السعودي في فرنسا 5 أضعاف خلال العقد الماضي ليصل إلى 123 مليار دولار في 2019، بما يساوي 15% من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، في حين تستحوذ فرنسا على نحو 0.5 % فقط من الاستثمارات السعودية في العالم، بما يعادل 427 مليون يورو «1.9 مليار ريال»، والأغلبية العظمى من هذه الاستثمارات تتم في قطاع العقارات، بحسب إحصاءات البنك المركزي الفرنسي.الاستثمار والخدمات اللوجستية في ملف الاستثمار السعودي في الخبرة الفرنسية يظهر في الواقع من خلال إنشاء عدد من المشاريع المشتركة، بين الشركات السعودية والفرنسية وعلى رأسها شركتا أرامكو وتوتال إنرجي، من خلال إنشاء أكبر منصات التكرير والبتروكيماويات في العالم مثل ساتورب، وفي أوائل 2018 تم رفع الطاقة الإنتاجية لمنصة ساتورب إلى 440 ألف برميل من النفط الخام يومياً، وبذلك يصل الإنتاج السنوي إلى نحو 22 مليون طن متري من المنتجات البترولية المكررة، بما في ذلك 700 ألف طن متري من الباراكسيلين، و150 ألف طن متري من البنزين و200 ألف طن متري من البروبيلين عالي النقاء. الشراكات بين السعودية وفرنسا عديدة، خصوصاً في المجالات اللوجستية، إذ تعمل شركة كامكو JV بين RATP Dev وSAPTCO جنباً إلى جنب في أكبر مترو في العالم في الرياض، كما أن الشركات الفرنسية موجودة تقليدياً في قطاعات النقل والطيران والطاقة والطاقات المتجددة والمياه والنفايات والنفط والبناء، وتعمل فرنسا على مشاركة المملكة في جميع القطاعات الجديدة ضمن تنويع الاقتصاد السعودي، والاقتصاد الرقمي، والذكاء الاصطناعي، والثقافة، والضيافة، والتكنولوجيا الزراعية، والتكنولوجيا الحيوية، والصحة.حليف اقتصادي قوي في برنامج الاستثمار الفرنسي 2030، الذي أعلنه الرئيس الفرنسي في 12 أكتوبر 2021، الذي قدم خطة استثمارية ب30 مليار يورو على مدى 5 أعوام للقطاعات الإستراتيجية، تعد السعودية شريكاً حقيقياً في تحقيق أهدافها لوجود تشابه بين المملكة 2030 وفرنسا 2030، إذ ينظر الفرنسيون أن رؤية المملكة 2030 أنشأت حليفاً اقتصادياً وتجارياً قوياً لفرنسا في مجال السياحة والثقافة والترفيه والرياضة والاقتصاد الرقمي والبيئة. وتعمل شركات فرنسية في تطوير منطقة العلا، إذ تحتل فرنسا موقع الصدارة في تطوير مشاريع العلا بفضل التعاون بين الهيئة الملكية للعلا والوكالة الفرنسية AFALULA، وتعمل شركات فرنسية على أكثر من 78 مشروعاً في العلا بين 2019 و2020، بفضل توقيع اتفاقية في هذا الشأن بين الدولتين.