قيل: «إن السعادة مثل الفراشة لا يمكن للمرء أن يتتبعها بشكل مباشر ليلتقطها»، قالها الكاتب الألماني القديم «جان باول» (1763-1825).. وأقول: لن يندم من يبحث عن السعادة عند «خالق السعادة»، والسعيد من يقبل ذاته، ولم يحمل في قلبه كرهاً لأحد.. إذن؛ كيف نملأ فراغ كل دقيقة من حياتنا بالعمل المفيد لنستشعر السعادة؟ وهل يسعد من جعل من حياته «فعل حب»؟. •• •• •• حين نستدعي كل صباح بركة الانشراح وبهجة الغِبطة، وننسج صورة خيالية لحياتنا؛ نستشعر السكينة والسعادة، ونبوح بمشاعرنا وأحاسيسنا برؤية جمالية.. وفي ذلك المطلع الصبوح البهي ووقاره المهيب؛ سوف نحمل لحناً خلاَّباً بعاطفة إنسانية رشيقة، ورؤية واقعية فاتنة، وتذوق خيالي فتَّان.. أما عندما تسكب أرواحنا سرور الاغتباط؛ فإننا نمنح أنفسنا جمال روح وفيض مشاعر، كأنه جرس طربي تقرعه قلوبنا داخل أعماقنا. •• •• •• بين فعل الحب وشعور السعادة؛ سحر عفوي يترجم الأحاسيس إلى صور لامعة تضيء عتمة أيامنا، وتأخذ بأيدينا إلى عيشة زاهية.. ومن يحمل حقائب «السعادة» بلا رغبة في العودة إلى «التعاسة»؛ يشْتَمُّ رائحة عطور «ابتسامة الزمان» التي تحاصره من كل جانب.. ففي أحشاء الغِبطة صدف ولآلئ وهبتها لنا الحياة، يتناثر منها روعة الابتهاج ورونق الارتياح، مثل صغار يمشون في أحلام الطفولة. •• •• •• في دراما السعادة اليومية توازنات متعددة ومتعارضة تنبع من «مجتمع الرغبة»، فمن يتبرم من «السعادة» ستموت لديه جواهر المتغيرات القيمية.. وحين نلتقط المنعطف الوجداني المنحاز إلى مشهد السعادة؛ سنعيد قراءة أنفسنا وأرواحنا، ونكسر حالة الصمت المُعطِّلة للغصن الذهبي للبهجة والحبور.. ومن قول الشاعر: «المجد والشرف الرفيع صحيفة، جعلت لها الأخلاق كالعنوان»؛ نطمئن إلى ما نمتلك من رؤية واضحة لبناء سعادتنا. •• •• •• وعند كلام إبراهيم الفقي: «النجاح هو نتيجة الشعور بالسعادة»؛ تأكيد أن «الألم» يوضح قيمة الابتسامة ولا يحرمنا من الحياة السعيدة.. وأولئك الذين يستدعون الأحزان لتعشعش داخل صدورهم؛ يودعون أرقام أوقاتهم الساحرة ويحذفون أجندة أيامهم الآسرة، كأرض جدباء لا تنبت شجراً.. فإذا جاءت لحظة سعادة من حياة غير حبيبة لأحد؛ نحيي تلك اللحظة بأرواحنا، ونملأ أعيننا بجمالها، وإلا تسللت إلينا الجراح.