لا تلتف حول عبدالله النويبت مشككاً بأنه الرجل الصقر (Falcon Man)، إذ ليس لديه مخلب أو جناح يحلق به، فهو يستحق اللقب لأكثر من ذلك. ذات مساء صيفي حار، وعلى بعد 15 كيلو متر من وسط بلدة الخرججنوبالرياض، اصطحبني الصقار عبدالله النويبت (زهاء 52 عاما) إلى مقر رفاقه، مربط الصقور، حيث ينمو الريش الجديد خلال ما يعرف بفترة المقيض. كنت في مواجهة 95 صقراً، بدأ احدهم في الاستعراض أمامي، كان يحوم وكأنه على مرتفعات جبال التاي في سيبيريا الغربية، حاول الاقتراب أكثر من مرة، بينما كان النويبت منهمكاً في الحديث، لم يبق لدي قدرة على التركيز موزعاً نظري بين المتحدث ورفيقه المتعجرف، فطن الصقار لمخاوفي، واكتفى بنظرة حادة وجهها إلى الطير الاستعراضي، فذهب بعيداً يعتريه الحياء، لا شك بأنها لغة العيون. قبل 5 أعوام احتفل النويبت باليوبيل اللؤلؤي بعد أن قضى 30 عاماً في الحرفة، ماراً بالعديد من القصص والتجارب. إحدى المرات منع كبيرة مستشاري رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية إيفانكا ترمب الاقتراب من طيره الجارح، وذلك إبان تواجدها في السعودية مع الرئيس والدها، كونها رغبت أن تتحسسه بالمنديل، يقول النويبت ل«عكاظ» إنه أبعد الطير منها، خشيةً أن يكون للصقر ردة فعل غير متوقعة، أخيراً إيفانكا تفهمت ذلك وأبعدت المنديل والتقطت صوراً مع الصقر. واحدة من قدراته هي استطاعته بأن يحمل الصقر في المهرجانات والإحتفالات لمدة 16 ساعة دون مشكلات، مؤكداً بأن النوم فقط هو ما يبعده عن الطير في مثل تلك المهمات. حزن شديد اختلجه أثناء قصة قديمة وقعت قبل عقد من الزمن، إذ فر محلقاً من المخيم صقره مختار، بسبب محاولة قليل خبرة إمساكه من ذيله، وبعد أيام وجد النويبت طيره جريحاً، كتبت وسائل إعلام أنه بكى بسبب ذلك، وهو لم ينفِ الأمر لكنه لا يحب الخوض فيه، استطاع معالجة مختار، وشاهدته في المربط بصحة جيدة وهو يبلغ من العمر 16 عاماً يعيش حياة طويلة. وقبل أن تقر السعودية تنظيمات جديدة لأوضاع الصقور، كان (أبو إبراهيم) يتألم كثيراً عند محاولاته إدخال صقوره البلاد بطرق غير نظامية «أحياناً أرسلها إلى السعودية، وبعضها يصل وقد فارق الحياة». ويروي بأنه انتصر ذات مرة في حرب كلامية وقعت بإحدى المناسبات مع سيدة إسبانية، وصفت عروضه بالصقور بأنها «لا تتماهى مع حقوق الحيوان»، لأنه يستخدم الحمامة كفريسة، وسرعان ما باغتها بالحديث عما تلقاه الثيران من تعامل في بلادها بحجة الرياضة. سعادة وقليل من التباهي لاحظتها أثناء الحديث معه ونحن نجلس على بساط أحمر في منتصف فناء يطل على مقر رفاقه «أنا أول من طالبت بناد للصقور في السعودية، الآن الوضع مختلف بإمكانك أن تشتري وتبيع وتستورد بشكل نظامي».