«الجروح قصاص»، فكيف بمن قتل نفساً.. ربما يرد إلى الأذهان القتل العمد أو الخطأ.. كلاهما بشع ومؤلم، لكن المقتول هنا يتوارى جثمانه في القبر، وعند الله لا تخيب الودائع. أقف هنا على أعتاب الغدر والخيانة، فكم من زوجة وزوج ماتا بالشعور وبقي الجثمان لا يجد من يواريه، وإن كان يوماً مواسيه.. يموتان ألما كل يوم، تنظر المرأة لزوجها بعد غدره وهي مقتولة مئات المرات، وقد قررت الصفح بعد أن تيقنت ألا مجال للفراق، فهو هواؤها وكل حياتها، فتتخيل كلماته المعسولة لغيرها، ثم تأتي لترفع لقمة وتسرح في ألف لقمة لمن شاركته الجريمة البشعة، فيتهشم قلبها ونبض سعادتها. تمر السنوات والألم هو الألم لا يزول ولا يحول، وكلما نظرت إلى وجهه آذاها بتفاصيل الذكرى الخبيثة، وكلما همت لقرع أبواب النسيان قرع الشيطان بابها فيشق راحتها، فلا هي تخلت وعاشت الأمنيات، ولا هي بقيت وأماطت الأحزان قد عاثت في الشعور فسادا والتقمت الخيبات.. كم حاولت أن توطن مشاعرها وتهذبها لكن غربة الشعور تلاحقها، فبقيت لاجئة تلهث عن مأوى فسيح يلم شتات قلبها ويطبطب على الخذلان. مصطلحات الألم لم تعرفها في قاموس حياتها، كانت قوية لبقة تختلق السعادة من أبسط الكلمات والسكنات، أصبحت ترجم الابتسام وتقضم الأتراح قد كانت صادقة الشعور لذلك، لم تفق من الأكاذيب وقصص الخيال، كيف لرجل كانت له فرحاً فيقلب ذلك الشعور بنزغ شيطان وينشر ألماً لا يحتمله إنس ولا جان. امتزجت لديها المشاعر وتصارعت حتى قررت الانسجام والتكيف مع مصيرها الجديد، وهرعت باحثة عن روض مزهر بالنسيان، ابتلعت الرضى لتستمر الحياة في ظل الأماني الواعدة والدعوات الصاعدة لرب السماء.