لله درّها الأنثى، فها هو العالم يحتفي بها، ويعترف بفضلها، ويؤكد دورها، ويحفظ لها مكانها، ويُقِّرُ بمكانتها، ويسترجع كل ذلك من إنجازاتها ومناقبها وأفعالها وأفضالها في يومها، وهو يدرك تماماً أن جميع الأيام أيامها، ومن حقها أن تُرفع القبعة احتراماً لها، فلم يعد أحدٌ يجرؤ على إهانتها، أو الإنقاص من قدرها، أو التقليل من شأنها، فأفعالها قبل الأقوال تشهد لها.. فعطاؤها ليس حِكراً على يومٍ من الأيام، وتفانيها بات ظاهراً للعيان على الدوام. رقيقة هي الأنثى، وصديقة وأخت عليها يُحمد ويُثنى.. ومعطاءة هي كأم، وقوية وحريصة حتى أنها لا تترك مجالاً للوم.. ومخلصة هي كزوجة، ومُحبة ومطيعة حتى أنها تنسى نفسها في زحمة اليوم.. ومنجزة هي كعاملة، ودقيقة وذكية وجريئة ومن شدة إخلاصها تشعر وكأن ما أنجزته قام به القوم. إن أحبت تكاد تحتوي العالم، وكأن كل القلوب باتت في قلبها.. وإن أعطت، ينال عطاءها كل حالم، وكأن أموال العالم في يدها.. وإن نصحت أجزلت النصح وكأن ذكاء العالم كله وحكمته في عقلها.. وإن غضبت ثارت بقوة حتى أخافت من ظلها، ومن ثم انهارت في ضعف حتى تهافت من حولها. نراها تُحرق عند الغضب بنارها، وبنفس الوقت تغرق في دمعها ويتزلزل كيانها.. حتى عجز القريض عن وصفها، واحتار الجميع في فهمها.. فكيف استطاعت تلك الرقيقة أن تجمع بين الأضداد، وكيف تمكنت بالرغم من رقتها أن تصبح من أقوى الأنداد. قوة مع ضعف، جرأة مع خوف، جمال في الظاهر وكمال في الجوف، خيال حالم، وواقع مسالم، علم وعمل، وألم وأمل، هي بعيدة حتى يصعب نيلها إن ناءت، وقريبة حتى نلحظ رمشها إن جاءت، وعنيدة حتى نعجز عن ثنيها إن شاءت، صلبة فلا يكسرها شيء، ولينة حتى تكاد تأسرها بأقل شيء. ها هو العالم يرقبك، والكل من حولك يردد ما سمع منك وما رأى.. فأنت قلب العالم النابض، وفضلك عن النكران سالم، وهناك الكثير منه كفائض.. اعتدل الكون بك، واحتفل العالم بيومك، وها هو يكتمل العقد بجوهرك.. لله درك يا امرأة.