كان اليوم الثاني والعشرون من شهر فبراير يومًا عاديًا بالنسبة للشعب السعودي، قبل صدور المرسوم الملكي من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -أيده الله- باعتماد هذا اليوم من كل عام تاريخا رسميا لإحياء ذكرى يوم تأسيس المملكة العربية السعودية. هذا التاريخ يمثل بداية عهد الإمام محمد بن سعود في منتصف عام 1139ه والذي يوافق كما أسلفت 22 فبراير من عام 1727؛ أي قبل 295 سنة. فمنذ ثلاثة قرون خلت، والسعودية من مجدٍ إلى مجد، ومن إنجاز إلى إنجاز، فنحن نحتفل بيوم التأسيس بينما غالبية من حولنا في الشرق الأوسط والعالم يحتفلون بأعياد التحرير والاستقلال. ولعل هذه فرصة سانحة أغتنم ذكراها للتعبير والتأكيد على قناعتي وعدم موافقتي على إطلاق اسم «السعودية الجديدة» من قِبل بعض أفراد المجتمع، وتحديدًا الإعلاميين -بدافع الوطنية- لأن في ذلك فصلًا للماضي الأصيل عن الحاضر النبيل. وامتداد التأسيس يعني أن السعودية تحظى باستمرارية مجد مُنقطع النظير منذ ذلك اليوم البعيد المجيد حتى اللحظة، وهذا ما لا تشترك فيه معها أي دولة أخرى في العالم عبر التاريخ بكل طيّاته وصفحاته، وذلك بفضل قيادتها المُحنّكة وجينات السيادة المُتوارثة -ولله الحمد- في الأسرة المالكة الكريمة، فالفتوحات السعودية منذ بدايتها على ظهر بعير في قلب صحراء قاحلة، امتدت اليوم حتى صارت من أغنى بلدان العالم في ثروتها البشرية أولًا ثم النفطية التي تسيّر بفضلها أغلى وأكثر وسائل المواصلات في العالم، وكذلك الفقر المدقع الذي قطع المؤسس رأسه بسيفٍ حاد، ها هو يمد يد العون للكثير من بلدان العالم ليُطعم جائعه ويكسو عريانه. إنها حقائق التاريخ الذي لا يكذب في أرقامه ولا يمل من زيادتها مطلع كل نهار. ولو فصّلنا في مراحل المملكة العربية السعودية عبر التاريخ فلن يسعها مقال ولا مجلدات، فبعدما قامت الدولة السعودية الأولى في الفترة (1727- 1818) في الوقت الذي كانت تشهد فيه شبه الجزيرة العربية ما تشهده من الشح والفقر والعَوَز والتفكك وانعدام الأمن والذي كانت نتيجته صحراء جرداء معدومة الاستقرار. تبعها سلسلة من الأحداث التاريخية الشامخة التي لا تغيب عن ذهن أي مواطن سعودي، ولا حتى عن أي مُطلع عام على تاريخ الدول. وتخيّل أن تصدر مراسيم ملكية باعتماد كل تلك التواريخ وإحيائها سنويًا، لقضينا كل حياتنا في هذا البلد العظيم في احتفالات وكذلك تعطلت المدارس حتى يختل توازن التعليم بسبب كثرة العُطل. هذه الأحداث التاريخية أكبر وأعظم وأثقل من أن تحصى وتحصر بمناسبات وطنية، ولكن يوم التأسيس المُعتمد ليس إلا للتذكير ببداية مراكمة إنجازات لم تُخلق لها نهاية، كيف لا، وقد وصل للطريق المقصودة الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله- ماسكاً بيمينه يد عضيده البطل محمد بن سلمان –حماه الله- ليمتد التاريخ من عين المؤسس لرؤية الحفيد؟!.