لكل منا تجربة قاسية -وربما أكثر- إثر عملية استقدام غير موفقة استنفدت وقتنا وجهدنا وراحتنا الذهنية وبالطبع أموالنا، وكل منا قد واجه منظر عاملة أو عامل هارب من بيت مكفوله لأسباب مختلفة قد تكون تافهة أو جسيمة بحسب الظروف والبيئات والطباع لكلا الطرفين، ولكن الأكيد أن المعاناة الأكبر تقع على عاتق المتضرر الأول وهو صاحب العمل المتمثلة بالخسائر المادية والراحة النفسية والاستقرار الأسري، وجميعنا بلا شك سمعنا أو شهدنا تجاوزات وجرائم بشعة ارتكبتها عاملات وعمال في حق طفل أو كبير سن أو ذوي الإعاقات لأسباب متعددة أهمها إهمال الجوانب النفسية والسجلات الأمنية لهم قبل وصولهم. هيكلة جديدة ورائدة تطلقها وزارة الموارد البشرية لقطاع الاستقدام في المملكة العربية السعودية بدأت باستحداث منصة «مساند» التي سوف تغير بروتوكولات الاستقدام السابقة بشكل كبير وحديث يراعي كثيراً من الجوانب وأهمها (حفظ حقوق المواطن، والعمالة المنزلية على حد سواء)، وفي تقديري أن هذا هو مراد كل مواطن يطمح باستقدام مريح وآمن أو ممن مر بتجربة سابقة مع الاستقدام ومشاكله والتعقيدات التي يضطلعها المواطن جرّاء أنظمة بعض الدول المصدّرة للعمالة، وتهدف هذه المنصة -مساند- في المقام الأول إلى تحسين قطاع الاستقدام بحوكمة جديدة لتسهيل إجراءات استقدام العمالة المنزلية ورفع مستوى حفظ حقوق جميع الأطراف يتم ذلك بتحديث عملية التعاقد بين الأفراد ومكاتب الاستقدام وإدارة العلاقة بين مكاتب الاستقدام داخلياً ومكاتب إرسال العمالة المنزلية في الدول المصدّرة للعمالة مع إمكانية إدارة الشكاوى بين أطراف العملية التعاقدية، كما تسهم «مساند» في تذليل عملية إصدار التأشيرات بخطوات سهلة وبشكل فوري، والتعامل السلس عبر أكثر من 1200 مكتب استقدام حول المملكة وعقود إلكترونية موحدة بمعايير مدروسة واستحقاقات واضحة، حيث يتم دفع رسوم الاستقدام عن طريق المنصة بوسائل الدفع المختلفة، كما توفر المنصة استعراض السير الذاتية للعمالة المنزلية إلكترونياً، حيث تجاوز عدد السير المطروحة في المنصة إلى أكثر من مليون ونصف سيرة ذاتية. تعمل منصة ساند اليوم على إطلاق خدمة التأمين على عقد العمالة المنزلية، وهذا أمر جدير بالتوضيح كونه يخدم المواطن وليس كما يترآى للبعض بأن يثقل عليه مادياً، فالتأمين على عقود العمالة يحفظ حقوق المواطن في حال حصل خلاف بين الطرفين مما يخفف الأعباء المترتبة على الترحيل وتبعاته، وهذا من أهم مستهدفات وزارة الموارد البشرية بهذا الصدد وأعني خفض قيمة الاستقدام بإتاحة أكثر من 14 دولة، وإضافة 8 دول إضافية خلال العام الحالي من دول آسيوية وأفريقية بما لا يدع مجالا لبعض الدول المصدرة للعمالة بالضغط على السوق السعودي ورفع أسعار الاستقدام والتي ارتفعت في السنوات الأخيرة لأسباب متعددة آخرها تأثيرات جائحة كورونا وتضرر القطاع بشكل كبير جرّاء القيود التي تم فرضها على السفر سواء في المملكة أو في الدول المصدرة للعمالة المنزلية وزيادة تكاليف الفحوصات الطبية واللقاح والحجر المؤسسي وارتفاع تكلفة السفر والطيران. أخيراً.. لا شك أن وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تراعي مستهدفات رؤية المملكة 2030 ومعايير جودة الحياة للمواطن والمقيم، وذلك باستهدافها دولاً جديدة توفر عمالة ذات كفاءة عالية تتناسب مع العائلة السعودية وتدرس بشكل مكثف مستوى الأوبئة بكافة أنواعها ونسبة الجرائم واللغة، والمستوى التعليمي في دول العمالة، كما تراعي تناسب الكلفة المالية للمواطن السعودي والأمل كبير في أن تكون منصة «مساند» بداية لتنظيم سوق العمالة المنزلية وتنظيم العلاقة بين العامل وصاحب العمل وفق قوانين واضحة وأنظمة تخدم العملية ككل.