من قال إن المملكة العربية السعودية تأسست بمنأى عن دور المرأة ونضالها، فقد تنكر لتاريخ هذه الدولة العظيمة التي شكلت المرأة فيه دورا بارزا في نهضته وقيامه ودفعه إلى بر الأمان. المرأة في شبه الجزيرة العربية مشهود بقوتها وجأشها وصمودها ووقوفها إلى جانب الرجل في القضايا الوطنية والقومية والمصيرية، لم تكن في يوم من الأيام مهمشة كما يحاول بعض المتصيدين في مياه التاريخ المزور بأياد مشبوهة معروفة نياتهم الكنيفة والمسمومة، بل خطت خطوات جريئة في سبيل قيام المملكة العربية السعودية، وذلك بفضل حكمتها ودهائها الذي خلدته قصص الأجداد وكتب التاريخ الذي سطرت فيه المرأة السعودية ملحمة وطنية خالدة. ما قبل التأسيس.. المرأة تطبع ذاكرة التاريخ السعودي ببطولاتها لعبت المرأة في تاريخ المملكة العربية السعودية دورا فيصلا ومهما للغاية، بل كانت سببا في تغيير منحى الأحداث السياسية والاجتماعية، لتكون عاملا مؤثرا في صناعة القرار منذ قيام المملكة على يد المؤسس المغفور له الملك عبد العزيز. اقتحمت المرأة الحياة الاجتماعية والسياسية وعملت على إرساء بيئة منيعة تقوم على مقومات متينة أساسها الترابط الاجتماعي والتكافل لسد كل الثغرات التي يتسلل عبرها الأعداء لزلزلة الوضع وإضعاف المجتمع وتفتيته ومن ثم ضرب وحدته وأمنه. إن الدور السياسي الأبرز للمرأة منذ تأسيس وقبيل تأسيس المملكة تجلى بوضوح، من خلال اطلاعها واستشارتها وحتى مشاركتها وتأثيرها في سبيل جمع القبائل وتوحيدها وتأسيس المملكة، بل الأكثر من ذلك أن الملك المؤسس الملك عبد العزيز كان يلقب في حينها «أخو نورة»، ولهذا معنى كبير ودلالة عميقة على الدور الذي لعبته إلى جانب أخيها. الأميرة نورة بنت عبد الرحمن مستشارة الملك عبد العزيز لوعدنا لسيرة ومسيرة المغفور لها الأميرة نورة وما وصلت إليه بصفتها مستشارة الملك لوجدنا فيها القدوة والأسوة لكل السعوديات بل والعربيات أيضا، فالأميرة نهلت العلم، وكانت مثابرة عليه، لتساهم هذه المعرفة في صقل شخصيتها. كانت علاقتها قوية بشقيقها الملك عبدالعزيز آل سعود منذ طفولتها المبكرة، فكانت الداعمة له في كل لحظات حياته حتى قالت لأخيها عبد العزيز: «لا تندب حظك، إن خابت الأولى والثانية فسوف تظفر في الثالثة، ابحث عن أسباب فشلك، فالرجال لم يخلقوا للراحة»، هذه الكلمات قالتها تشجيعا لشقيقها من أجل استرداد الرياض. والمتابع لسيرة الملك عبد العزيز وعلاقته بالأميرة نورة يرى أن الملك كان يسند إلى الأميرة مسؤوليات الإشراف على شؤون العائلة، حتى كانت هي التي تدير القصر، وتحل مشكلاته الداخلية. قوة شخصيتها أهلتها لتسيير أمور نساء العائلة، حتى استحقت لقب السيدة الأولى، واستمرعطاؤها إلى وفاتها عام 1950م، وتكريما لمكانتها، أطلق الملك عبد الله بن عبد العزيز -رحمه الله- اسمها على جامعة البنات بالرياض تخليدا لذكراها الطيبة التي تركت بصمة مشرقة في تاريخ تأسيس المملكة العربية السعودية. ولي العهد محمد بن سلمان.. الأمير البار لذكرى الأميرة نورة يزداد احترامنا وتقديرنا الكبير لسمو الأمير الأمين محمد بن سلمان الذي لا يألو جهدا لتكريم ذكرى الأجداد بكل الطرق والوسائل، ليخلد ذكراهم المجيدة لما لهم من فضل كبير في قيام هذه الدولة، فهو الذي أصدر أوامره قبيل الاحتفال باليوم الوطني السعودي التاسع والثمانين عام 2019 بترميم قصر الشمسية بحي المربع في قلب العاصمة الرياض (قصر الأميرة نورة) على نفقته الخاصة، ليؤكد سموه على عظمة هذه المرأة التي بنت إلى جانب أخيها صرح هذه المملكة العظمى، ويكون قصرها مزارا وتراثا نقف جميعا احتراما وتقديرا لهذه الشخصية النادرة التي صنعت نقطة فارقة في تاريخ المملكة، وحلي بنا أن نعتبر من هذا التاريخ المشرف ونمضي قدما لصنع المستقبل، بالقول والفعل معاً، لأننا حقاً نملك القوة التي تحمل لواءها هؤلاء النساء العظيمات، فبهن نقدم ونتقدم بوطننا الغالي، خصوصا أننا في زمن نهضة أملنا وقدوتنا سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي أعاد إلينا عبر رؤية 2030 الثقة من خلال تفعيل دور الشباب، وركز بشكل كبير على تمكين المرأة في شتى المجالات، فالمرأة استطاعت بجدارة أن تثبت نجاحها الدبلوماسي والاقتصادي والعلمي والإعلامي والصناعي والطبي لتكون المساهم الأكبر في تحقيق الرؤية.