تمثّل الأيام الخالدة في تاريخ المملكة العربية السعودية، وشاح فخر ووسام اعتزاز للأعوام والشهور التي تشرّفت بالانتساب لدولة الوحدة والتوحيد، ولم يغب عن ذهن المنصفين الاعتراف بانتماء المملكة إلى الحضارات الأولى التي ظهرت في شبه الجزيرة العربية، وتمكّنت على مر القرون، من كسب وإنجاز تراكمية باعتبارها امتداد الأرومة العربية، ومهداً للإسلام، ثاني أكبر ديانة في العالم. وشهدت المملكة، منذ عهد الإمام المؤسس محمد بن سعود، إلى حقبة الموحّد الملك عبدالعزيز آل سعود تحولات كبرى. ففي غضون ثلاثة قرون، تدرّجت الدولة السعودية لتحتل مرتبة الدولة الحديثة المتقدمة، وتترأس في العهد الزاهر للملك سلمان بن عبدالعزيز الاجتماع الخامس عشر، لقمة مجموعة العشرين 2020 في عاصمتها الرياض، وهي أول قمة لمجموعة العشرين تستضيفها السعودية. وثاني قمة لمجموعة العشرين تستضيفها منطقة الشرق الأوسط، وغدا يوم التأسيس المُشرق يوماً للمستقبل المضيء. وعدّت أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر في جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن الدكتورة مها بنت علي آل خشيل، تاريخ التأسيس محوراً رئيساً في إرثنا الحضاري، كلما عدنا إليه تعمّقت معرفتنا بأنفسنا، ومجتمعنا، وأرضنا، وأبطالنا. وترى أن هذه المعرفة الغنية التي يقدمها لنا التاريخ، ليست مجرد ماضٍ انقضى، وإنما هي عاملٌ من عوامل القوة التي تحمي المجتمع، وتبقيه في حالٍ من الوعي بمكتسباته، وإرثه. ولا يقتصر أثر التاريخ على الحاضر فقط إنما هو زادٌ للمستقبل، ومحفّزٌ للاستمرار، والتطلع بأملٍ نحو المستقبل. وأكدت أن مسيرة تاريخنا الوطني ثرية باللحظات الحاسمة، التي مثلت نقاط تحوّل جذري، انعكست على الوطن وأهله، ومن أهمّها تأسيس الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود عام 1139ه/1727. إذ بتأسيسها انضوت مناطق بلادنا ضمن وحدة سياسية وطنية، إثر فقدها لها لردح من الزمن. ولفتت إلى أن الوحدة السياسية، استبدلت الانتماءات القبلية والمناطقية والأسرية الضيقة بانتماء لكيان أوسع، في ظل دولة وطنية، تكفلت بحفظ الأمن، والاستقرار، والنظام، ونشر العلم، وتصحيح العقيدة، ليعود التوحيد لله خالصًا من البدع التي كبّلت العقول، وانضوى الجميع تحت لواء الدولة، والتفوا حولها في السرّاء والضرّاء والمنشط والمكره. وذهبت إلى أن هذه الدولة التي أسسها الإمام محمد بن سعود زرعت أسسًا، تجذّرت، ووثقت عرى لم تنفصم، بفضل الله، إلى اليوم، وستبقى ما بقيت تلك الأسس حيّة في نفوس الأجيال، موضحةً أن المرحلة الحاسمة، والجهود الكبيرة التي بذلها الإمام محمد بن سعد منذ توليه الحكم عام 1139ه، تستحق الاحتفاء في مناسبة وطنية تخصص لها، لتعكس الاعتزاز بالأبطال الذين صنعوا التاريخ، وتوثق الصلة بين الماضي والحاضر، وتبقى ماثلة في أذهان الأجيال في المستقبل. وتطلّعت إلى إسهام يوم التأسيس، في إبراز جهود الإمام محمد بن سعود، في تكوين هذا الوطن، الذي نعيش اليوم، بفضل الله، في ظله آمنين، باعتباره برهاناً على العمق التاريخي لوطننا، والقيم والأسس التي وحّدت أرضه وأهله، ليتعرّف الشباب والأجيال القادمة على تاريخهم، ما يذكي فيهم الشعور بالمسؤولية تجاه الحفاظ على الوطن ومكتسباته. وقالت ل«عكاظ»: المؤمل أن تعمل المؤسسات التعليمية والإعلامية على تعميق المعرفة، واستلهام الدروس، من هذه المناسبة الفريدة، لتبصير الشباب والناشئة بتاريخهم، وأبطالهم، والقيم التي شكلت تاريخنا، وبقيت حاضرة معنا إلى اليوم.