قدمت الكاتبة وخبيرة التقنية والذكاء الاصطناعي الأستاذة فدوى بنت سعد البواردي، محاضرة عن الذكاء الاصطناعي يوم الثلاثاء 11 يناير 2022، حيث تناولت الذكاء الاصطناعي من منظور استراتيجي شامل، أوضحت فيه أنواعه ومفاهيمه واستخداماته المتعددة ومنها مكافحة الفساد. ركزت المحاضرة على تعريف الذكاء الاصطناعي بأنه الأنظمة التي تحاكي الذكاء البشري لأداء المهام المختلفة، حيث يمثل البرامج الحاسوبية التي تحاكي القدرات الذهنية البشرية وأنماط عملها ومنها القدرات التعلم والاستنتاج وردات الفعل المناسبة. وشرحت بالتفصيل كيف يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة المؤسسات، والعوامل الدافعة لاعتماد الذكاء الاصطناعي، وكيف نبدأ معه، وما هي تحديات تفعيل الذكاء الاصطناعي، وكذلك عرضت نبذة عن انجازات المملكة في هذا المجال ودوره في مكافحة الفساد. ففي عام 2020، تم العمل على أنظمة ذكية، داخل المملكة من خلال وزارة الصحة للتنبؤ بأعداد الإصابات المحتملة بجائحة كوفيد. والذكاء الاصطناعي هو أحد أساسات مشروع نيوم بجعلها مدينة ذكية. وله دور كذلك في البنية التحتية التي تخدم التمديدات والطرق والكهرباء والمياه الذكية، وتوفير اتصالات عالية الجودة، لوصول المعلومات وإتمام المعاملات التي تحتاجها تقنيات مثل «انترنت الأشياء» و«المترجم الآلي» وغيرها. وفي قطاع الطاقة يستطيع الذكاء الاصطناعي خفض استخدام الكهرباء على المستوى الوطني بنسبة 10% ومن استخدامات الذكاء الاصطناعي أيضاً قراءة وتحليل التشخيصات الطبية، والتنبؤ بالحالات الصحية المستقبلية للمرضى. كما يستخدم في تقييم ومعرفة المعاملات البنكية والتجارية التي تحتمل الفساد المالي. وستلعب تقنية الذكاء الاصطناعي في المرحلة القادمة دوراً أساسيّاً متنامياً في مكافحة عمليات غسل الأموال ومكافحة الإرهاب برصد العمليات غير القانونية وتحليلها. كما يتضمن الذكاء الاصطناعي العديد من التطبيقات التي تدعم برامج الأمن السيبراني. وفي نطاق آخر يستخدم الذكاء الاصطناعي عن طريق الروبوتات والدرونز الذكية في عمليات الإنقاذ. وقد نجحت المملكة، في عام 2018 في صنع روبوت ذكي لتفكيك الألغام والمتفجرات، وفي صنع «روبوت التفتيش» التابع لأرامكو والذي يمكنه استشعار الغازات الخطرة والقابلة للاشتعال والكشف عن الشروخ والتآكل وغيرها من مهام ضمان السلامة للإنسان. وأوضحت البواردي أنه كلما ازداد ذكاء الأجهزة والخوارزميات في تحليل الكم الهائل من البيانات المتوفرة في شتى المجالات العلمية والطبية والبيئية والأمنية والمعاملات التجارية وغيرها، ازداد إدراك وذكاء البشر وأصبح اتخاذ القرارات الإستراتيجية أدق وأسرع وأكثر فعالية وتأثيراً. وفرقت الأستاذة البواردي بين الذكاء البشري والذكاء الاصطناعي، مشيرة إلى بعض التجارب الشهيرة لإيلون ماسك، مؤسس شركتي تيسلا ونيورالينك، من خلال زرع شرائح ذكية داخل المخ تستطيع قراءة العقل عن طريق بث واستقبال الإشارات منه وإليه، ومن ثم تهدف بهذا إلى علاج مرضى اضطربات الدماغ وتحسين وظائف الجسم ذات الصلة مثل البصر والذاكرة والسمع وغيرها. وتطرقت كذلك إلى نوع يمثل «الذكاء الخارق ذاتي الإدراك» الذي يسعى إلى فهم الأفكار والمشاعر داخل العقل البشري، ومن ثم التنبؤ بمثلها مسبقاً من خلال الخبرات المكتسبة والتعلم الآلي المتطور والتخطيط المبكر للتعاملات الذكية حيالها. وهذا النوع يُمثل قمة الطموح العلمي من خلال جعل الآلة الذكية أقرب ما تكون لمقدرة العقل البشري في الاستيعاب والتواصل والتكهن والفراسة. واختتمت الأستاذة فدوى البواردي محاضرتها بالحديث عن انتفاع قطاع الاستثمار من الذكاء الاصطناعي في تقييم أداء المستثمرين والجهات الاستثمارية المختلفة، وتعزيز وظائف الامتثال المحلي والدولي، وإدارة المخاطر الاستراتيجية وكشف التعاملات المالية. إضافة إلى التحليل العميق للبيانات الضخمة ذات الصلة، والتي تشمل كذلك المؤشرات السوقية والعوامل التشريعية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية والسياسية لكافة المبادرات والمشروعات الاستثمارية من خلال خوارزميات الذكاء الاصطناعي في تقديم تنبؤ مستقبلي بنسبة نجاح تلك الاستثمارات من عدمها.