ربما تكون الأدوية الحديثة بكل أشكالها من أفضل اكتشافات القرن ال20، بل ربما تكون «الرقم واحد»، لمساهمتها في علاج الأمراض والتخفيف من أوجاع الإنسان ووقايته من الأسقام. ومع هذا التطور المستمر في صناعة الدواء واكتشاف الجديد منه كل يوم، إلاّ أن الإنسان قد أساء استخدام بعض الأدوية محاولاً تحويل مسارها العلاجي إلى مزاجي. ويعرف سوء استخدام الأدوية التي لا تباع من دون وصفة طبية بأنه: استعمالها بشكل يختلف عما وصفها الطبيب أو خلاف الاستعمال المنصوص عليه، ويندرج تحت هذا التعريف مثلا: استخدام مضاد حيوي وصفه الطبيب لصديق، أو شرب جرعات مضاعفة من شراب السعال، إلى الحصول على جرعة عالية من دواء ما لجلب الشعور بالنشوة، وتتضمن الأدوية الأكثر عرضة لسوء الاستخدام: مسكنات الآلام والمنبهات. إن سوء استخدام الأدوية النفسية والمخدرة واستعمالها خلاف ما يقرره الطبيب أو الصيدلي هو أخطر بكثير مما نتخيل، وقد يؤدي ذلك إلى الإدمان وربما إلى الوفاة. إن الاستخدام المنتظم للمواد المخدرة والمؤثرات العقلية يؤدي إلى اعتياد الجسم عليها، مما يستدعي زيادة الجرعة للحصول على التأثير نفسه، وقد يؤدي لمضاعفات خطيرة نهايتها الوفاة. كما أن خلط المواد المخدرة والمؤثرات العقلية مع الأدوية الأخرى وخصوصاً أدوية الاكتئاب والكحول يمكن أن يؤدي إلى مشاكل في الجهاز التنفسي والموت. والحد الأقصى المسموح به يومياً هو ثمانية أقراص «سولبادين» ولمدة أسبوع فقط وتحت الإشراف الطبي، لكن البعض يستعمل حتى (20) قرصاً يومياً بصفة مستمرة. الخطر ليس فقط في مسألة إدمان «الكودايين» فقط وما يسببه من مشاكل صحية واجتماعية، بل يكمن الخطر أيضاً في الجرعات الزائدة من مادة «الباراسيتامول» الداخلة في التركيب التي تسبب تهتكاً وتدميراً لأنسجة الكبد أحد أهم أعضاء الجسم. ربما يسأل البعض: لماذا يباع هذا المستحضر دون وصفة طبية طالما يؤدي إلى التعود أو الإدمان؟ والإجابة: تركيز المادة المخدرة «كودايين» وهي من المشتقات الأفيونية، تساوي 8 ملغم في القرص الواحد أو الكبسولة، وهذا التركيز يسمح ببيعها دون وصفة، حيث إن التركيز الذي يستوجب إدراجها بوصفة هو (12) ملغم من «الكودايين» وأعلى، ولكن الناس يستخدمون قرصين وأكثر في الجرعة الواحدة. في الختام.. أدعو هيئة الغذاء والدواء إلى إدراج بعض المستحضرات خصوصاً المتعلقة بالصداع وارتفاع درجة الحرارة في قائمة الأدوية التي لا تصرف إلا بوصفة طبية، حفاظاً على صحة المجتمع.