حتى اليوم، يتجاوز عدد المصابين بفايروس كورونا نحو 262 مليون نسمة حول العالم فيما يتجاوز عدد الوفيات أكثر من 5 ملايين نسمة، ولذلك تبدو «السلالة البوتسوانية»، التي سمّتها منظمة الصحة العالمية «أوميكرون»، أحدث رعب يجتاح العالم، ويفتح بوابة الأسئلة؛ بعد أن زلزلت السلالة القادمة من جنوب القارة الأفريقية أسواق المال، ودفعت أسعار النفط للهبوط. كما أججت التساؤلات الكبرى في شأن مصير الآمال بانتعاش الاقتصاد العالمي، وسط صعوبات ارتفاع التضخم، وتقطع سلاسل الإمداد. هذه السلالة الجديدة دعت دولاً عدة إلى إلغاء الرحلات من وإلى جنوب أفريقيا ودول أفريقية أخرى. وبعد أن كان شبح «البوتسوانية» يقتصر على جنوب القارة السمراء، وصل إلى عقر دار الاتحاد الأوروبي، العاصمة البلجيكية بروكسل، ثم في ألمانيا، وكندا، وهولندا، وبريطانيا، والدنمارك، وإيطاليا، وغيرها. ومع ظهورها، تكاثرت التساؤلات التي لا يملك الكل الإجابة عنها على الأقل حتى الآن: • هل ستعود دول العالم إلى الإغلاق، بعد أن أعلنت بعض البلدان الإغلاق الكامل حفاظاً على أرواح مواطنيها. • هل ستؤدي هجمة «البوتسوانية - الأوميكرونية» إلى حظر الاحتفالات بأعياد الميلاد ورأس السنة في أوروبا وأمريكا؟ • هل ستؤدي سياسات حظر الرحلات الجوية إلى عزلة عالمية جديدة، وضربة أقسى لصناعتي السفر والسياحة؟ • هل ستجدي كل تلك الإجراءات في منع انتشار هذه السلالة الجديدة؟ • الأشد إثارةً للقلق: هل ستخترق هذه السلالة المتحورة فعالية لقاحات كوفيد-19؟ غالبية الخبراء يؤكدون أن «أوميكرون» تفشت بشكل جنوني في جنوب القارة الأفريقية، ما دعا علماء في لندن إلى التحذير الشديد من أن «البوتسوانية» قد تستطيع إبطال فعالية اللقاح المضاد لكوفيد بنسبة 40%. ومما رأيناه من بلاغات عن عدد الإصابات بهذه المتحورة، وما نشهده من ارتداد لإجراءات العزل الصحي، والفحوص الجبرية، ووقف الطيران، والعودة لمراعاة التباعد الجسدي؛ لا يملك أحد إلا أن يتكهن بأن العالم سيدفع ثمناً غالياً لهذه المتحورة، اقتصادياً، وصحياً، واجتماعياً. وحتى لو أثبتت الدراسات المخبرية لاحقاً أن «أوميكرون» أقل خطراً مما يتصور كثيرون؛ ستكون هناك تبعات غير مرغوبة. وربما كان الباعث الوحيد للاطمئنان هو تعهدات الشركات الدوائية الكبرى بإنتاج نسخ مُحدّثة من لقاحاتها المضادة لكوفيد، خلال فترة لا تتجاوز الربع الأول من سنة 2022. وهو بحد ذاته اطمئنان نسبي، لأن إعطاء أكثر من 7.9 مليار جرعة من اللقاحات حول العالم لم يمنع تسارع تفشي متحورة «دلتا». والأكيد أن أكثر ما يثير القلق أن مواجهة «البوتسوانية»، بما تحويه من 32 تحوراً وراثياً، وهو ضعف عدد تحورات سلالة دلتا، يتطلب من الدول المسارعة في اتخاذ التدابير الوقائية المشددة حتى لا يعود العالم للمربع الأول، وتُحْظر الحياة الطبيعية مجدداً!