التريندات المحلية والعربية، الأكثر انتشاراً وتداولاً، تسوق للأكاذيب والعبارات الجارحة والقضايا الهامشية، وهناك معاناة إضافية مع أصحاب المهن الحساسة كالطب والمحاماة، فهؤلاء قد يضحون بأسرار وحقوق المرضى والموكلين، وذلك في سبيل شهرة مؤقتة يقدمها التريند، دون احترام لأخلاقيات المهنة وأدب التعامل مع الآدميين، وبما يكرس لظواهر سلبية على الإنترنت تحتاج لمعالجة عاجلة، ولاهتمام خاص من قبل المختصين في القانون وأمن المعلومات وعلوم النفس والاجتماع، وتحديداً في الأمور المتعلقة بالحكايات المفبركة والتصرفات المتجاوزة وغير المقبولة. المعروف أن بعض التريندات قد تكون موجهة أو مصنوعة للإقناع بفكرة أو موضوع، وأنها ربما كانت مدفوعة القيمة لقولبة اتجاهات الرأي العام، وضمن ما يعرف بالديبلوماسية الرقمية، التي تعمل على دراسة سلوكيات الشعوب وثقافاتهم، ومن ثم تقوم بصناعة محتوى يسوغ قبول غير المقبول، أو حتى عن طريق استخدام الهندسة الاجتماعية لاهتمامات الناس في المجتمعات المختلفة، واستثمار مخرجاتها في الدعاية والإعلان، ومن الأمثلة، شعبية وجماهيرية الرياضة والكوميديا في المجتمع السعودي، وإمكانية استخدامها لزيادة المبيعات والأرباح، والوصول بها لأرقام خرافية. مشاهير السوشيال ميديا يسيطرون على حصة مؤثرة من سوق الإعلام والإعلان السعودي، وفي موسم الحج خلال المرحلة السابقة لكورونا، استعانت مؤسسات عامة بخدمات مشاهير المنصات الاجتماعية في حملاتها، واللافت أنهم حققوا مشاهدات مرتفعة جداً، واستطاعوا تحويل التفاصيل الصغيرة إلى تريندات، وهو ما لم تفعله محطات إخبارية حضرت بكوادر وميزانية محترمة، ويجوز أن الإعلام التقليدي لا يتعامل معهم بفروسية، لأنهم ينافسونه في سوقه، ولكنه في المجمل ينقل واقعهم بحيادية. اينشتاين يعتقد بأن تبسيط الأشياء لا يعني الوصول بها لدرجة الإسفاف، والصحيح أن أصحاب الشخصيات الهستيرية من مؤثري ومشاهير الإنترنت، يميلون إلى السلوكيات الاستعراضية والمسرحية في تصرفاتهم، وهم بمثابة قدوات اجتماعية لأقرانهم ولصغار السن والمقلدين، ولا شك أنهم يستغلون عواطف الناس لتحقيق مكاسب وقتية، أبسطها رفع أرقام المشاهدات والمتابعين؛ لأنهما سيضمنان مكافأة من المنصة نفسها مثلما تفعل يوتيوب، بالإضافة لإعلانات بعشرات الآلاف، وأحياناً بمئات الآلاف، حسب القيمة السوقية للمشهور، وبالتالي فلا بد من إقرار ضوابط لتخفيف تأثيراتهم غير المرغوبة على قاعدتهم الجماهيرية. المملكة تعتبر الخامسة على مستوى العالم في المجال الرقمي، والثانية في مجال الأمن السيبراني والسيطرة الأمنية على الأجهزة الإلكترونية، ووزارة الثقافة قامت مشكورة بتنظيم عملية الترخيص لإعلانات المشاهير والمؤثرين، وبما يضمن حق الدولة في الضريبة، وحق الناس في الحصول على منتج موثوق، والمطلوب صياغة ميثاق بمعرفة كبار المشاهير لضبط سلوكياتهم وسلوكيات نظرائهم على المنصات المختلفة، علاوة على إصدار تشريع بالتنسيق بين الدولة ومنصات التواصل بأنواعها، وبما يحقق محاسبتهم على تصرفاتهم الخارجة بالحبس والغرامة والتشهير، وكذلك حذف المواد المسيئة وإيقاف الحساب، والدعوة لوضع اتفاقية دولية تنظم أعمالهم وتحدد ما يترتب عليها.