تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، افتتح مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل، أمس، اجتماع مجموعة الرؤية الإستراتيجية «روسيا والعالم الإسلامي»، الذي يعقد هذا العام بمحافظة جدة، تحت شعار «الحوار وآفاق التعاون»، بحضور رئيس جمهورية تتارستان رئيس مجموعة الرؤية الإستراتيجية الرئيس رستم مينيخانوف، ومشاركة المسؤولين والعلماء والمفكرين من روسيا الاتحادية ودول العالم الإسلامي. واستهل الاجتماع الأمير خالد الفيصل بكلمة ألقاها نيابة عن خادم الحرمين الشريفين، قال فيها: «تؤكّد المملكة على أهمية هذا الاجتماع الإستراتيجي بين العالم الإسلامي وروسيا الاتحادية في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، وتكثيف سُبل الحوار بين أتباع الأديان والحضارات، وزيادة التعاون المشترك في مكافحة التطرف والإرهاب، ويتّسم الدين الإسلامي بالتسامح والوسطية، وهذا ما أعطاه قبولاً لدى البشرية بمختلف أجناسها وأعراقها، وللمملكة دور مشرّف في تبني مبادئ الاعتدال والتعايش المشترك، حيث سعت جاهدة لدعم الجهود الإقليمية والدولية في هذا المجال، وقدمت العديد من المبادرات في هذا الشأن، أبرزها: تبني وثيقة مكة، ودعم مكتب تحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة، وتلتزم المملكة بدعم أي جهود مستقبلية تهدف لخدمة هذه المبادئ، إيماناً منها أن الاختلاف لا يعني الخلاف». وأضاف: «لقد أظهرت التحديات الأخيرة التي تواجه عالمنا أننا جميعاً في مركب واحد، فلا توجد دولة أو منطقة في معزل عمّا يدور في العالم، وينطبق ذلك على النزاعات السياسية، وانتشار الأوبئة، والركود الاقتصادي، والتغير المناخي، إضافة إلى العديد من الأحداث والكوارث العالمية الأخرى، ومن هذا المنطلق تدعو المملكة دول مجموعة الرؤية لتعزيز التعاون المشترك لمواجهة هذه التحديات من أجل الخروج بأقل الأضرار التي قد تؤثر في مستقبل شعوبنا، حتى نصل سوياً إلى بر الأمان». مكافحة الإرهاب وتغير المناخ أوضح رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين، في كلمة ألقاها نيابة عنه رئيس جمهورية تتارستان رستم مينيخانوف، رفع خلالها شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، على اهتمامه بتنظيم اجتماع مجموعة الرؤية الإستراتيجية. وأشار إلى أن جدول أعمال الاجتماع ثريّ ومكثّف ويناقش سبل التعاون في مجال تسوية النزاعات والصراعات الإقليمية ومخاطر الإرهاب والتطرف الدوليين، كما أن قضايا التعاون في المجالات التجارية والاقتصادية والعلمية والإنسانية تستحق اهتماماً جاداً؛ آملاً أن يكون هذا العمل المشترك بنّاءً ومثمراً وأن يساعد في تعزيز التعاون والثقة المتبادلة بين الدول متمنياً للجميع كل النجاح والتوفيق. وقال: «علينا أن نكافح المخاطر الخاصة بتغير المناخ، وأن نقوم بتفعيل التعاون في كافة المجالات، وأن روسيا مستعدة لمساعدة الدول الأخرى، ونسعى أن تشكّل علاقات روسيا بالعالم الإسلامي قدوة لجميع بلدان العالم». جهود لتأسيس الحوار الدولي ألقى وزير الخارجية كلمة نيابة عنه نائب وزير الخارجية المهندس وليد الخريجي، أكد فيها أن المملكة تسعى لنشر ثقافة التعايش والتسامح، وبذلت في هذا الإطار جهوداً ملموسة في مجال تأسيس الحوار الدولي، وسعت لبناء حوارٍ داخليٍّ فعّال بين كافة أطياف المجتمع عبر مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، وأسهمت دولياً في نشر ثقافة الحوار بين مختلف أتباع الأديان والثقافات، من خلال عدة مبادرات، أبرزها الإسهام في إنشاء مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتبنّي وثيقة مكة، ودعم جهود مكتب التحالف بين الحضارات التابع للأمم المتحدة. تعاون إسلامي روسي لمقاومة التطرف أكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه، أن اهتمام روسيا الاتحادية بالعلاقات مع العالم الإسلامي، وصوته الجامع منظمة التعاون الإسلامي، ودولها الأعضاء، يقابله رغبة أصيلة لدى الدول الأعضاء، والمجتمعات الإسلامية في الدول غير الأعضاء لمواصلة التعاون وتطوير الروابط الثقافية والاقتصادية بين روسيا والعالم الإسلامي. وأوضح أن شعار الاجتماع «آفاق الحوار والتعاون» يتوافق واهتمامات الجانبين، الروسي والإسلامي، في مجال حفظ السلم والأمن وفض النزاعات ومقاومة التطرف والإرهاب، وكذلك قضايا التنمية المستدامة، حيث إن العالم الإسلامي وروسيا بإمكانهما تقديم إسهامات كبرى في حوار الحضارات والثقافات والأديان بما يعزز التفاهم والتقارب والوئام بين مختلف شعوب العالم. تطوير الحوار وتعزيز المبادرات قال وزير خارجية روسيا الاتحادية سيرجي لافروف، ألقاها نيابة عنه رئيس الأمانة الدائمة لمنتدى الشراكة روسيا/أفريقيا، سفير متجول لوزارة الخارجية الروسية أو. أوزيروف: «نشهد تقارباً كبيراً للمواقف الإسلامية الدولية، وعلى المجتمعين في جدة اليوم تقدير شامل لحالة وفاق علاقات روسيا مع العالم الإسلامي، ومناقشة المبادرات الرامية لتعزيز التعاون الإنساني والثقافي وتطوير الحوار بين الديانات». مبادرة السعودية للحوار بين أتباع الأديان أشار الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور نايف الحجرف، إلى أن المشاركة الكبيرة والواسعة لعدد من الشخصيات من العالم الإسلامي ومن روسيا الاتحادية في اجتماع مجموعة الرؤية الإستراتيجية روسيا والعالم الإسلامي تؤكّد على أهمية تعزيز قنوات الحوار وبناء الجسور على أساس من الفهم المشترك والرغبة الصادقة في خدمة البشرية. وأشار إلى أن مبادرة السعودية للحوار بين أتباع الأديان والثقافات شكلت إطاراً للالتقاء وطرح الموضوعات ذات الاهتمام المشترك وتبادل الأفكار والآراء؛ بهدف الوصول إلى فهم مشترك واحترام متبادل. دور وثقل سعودي ريادي أفاد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد العيسى، في كلمة ألقاها نيابة عنه نائب الأمين العام الدكتور عبدالرحمن الزيد، بقوله: «أثبتت التجربة الروسية بتنوعها الإثني والعرقي والديني أن الأديان تُرشد إلى بناء تعارف إنساني مستدام مؤسَس على السلام والتسامح والتعايش الإيجابي؛ ذلك ما تتضمنه نصوص الأديان وتعاليمها، وقدر البشرية جمعاء أن تعيش وتتجاور على أرض واحدة، وأن يعترف أفرادها بالحق في الاختلاف والاختيار، لاسيما في العقائد والأديان». تعزيز الوسطية والتصدي للتطرف ذكر ممثل الأمين العام لجامعة الدول العربية السفير أحمد رشيد خطابي الأمين العام المساعد المشرف على قطاع الاعلام والاتصال، في كلمته أن «تكاثف جهودنا وتناسق مبادراتنا دولا ومنظمات ونخبا دينية وفكرية وإعلامية واقتصادية، وفق رؤية منسجمة ومتماسكة، عامل أساسي في الدفع بهذا الحوار خدمة للسلم والأمن، ونزع فتيل التوترات وإخماد الصراعات، وتعزيز ثقافة الانفتاح على الآخر، والتصدي للسلوكيات الإرهابية والنزعات المتطرفة. تحالف دولي لمكافحة كورونا أوضح ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في تحالف الحضارات ميغل أنخيل موراتينوس، في كلمة ألقاها نيابةً عنه نائب رئيس مجموعة الرؤية الاستراتيجية «روسيا – العالم الإسلامي» وسفير فوق العادة ومفوض فاريت موخاميتشن، أنه «يأتي هذا الاجتماع في مرحلة صعبة جداً وهي جائحة كورونا، وهناك تحالف دولي قوي لمكافحة هذه الجائحة، حيث يحتم الواقع على الجميع التعاون والاتحاد أمام هذه الجائحة في إطار التعاون بين روسيا والعالم الإسلامي، ويعطي دافعاً قوياً لتقديم مبادرات من شأنها تطوير العلاقات بين جميع الشعوب والمجتمعات».