حين كتب «ابن» الأديب عبدالله بن إدريس عن أبيه، فإن الابن «زياد» يقسِّم أباه إلى شطرين لكل منهما رأس مستقل؛ أبٌ وإنسان، يقبل رأس الأول، ويعبث بسجلات الثاني وأشرطته ووثائقه الشخصية الإنسانية.. فهل من الخرافة أن يتحدث إنسان عن أبيه بمعزل عن أبوته؟ كان صراعاً للابن مع الأسطورة «الأب»، إن أثنى على أبيه فسيقال: هل كان من المتوقع من ابن أن يقول في أبيه غير الثناء؟!، وإن قدح فسيقال: أي عاق هذا الابن؟!، فكتب عن أبيه كإنسان وأديب وشاعر ومثقف وليس أباً.. عبدالله بن إدريس ذلك الأديب الراحل الذي رزقه الله موهبة بمكيال فائض أشغله عن الميادين الأخرى، وزهده في مزاحمة غير الشعراء عليها، كما وصفه «زياد».. شعره العاطفي يأتي دون مقبلات تفتعلها غرائز بعض الشعراء لإدرار الدموع، كما يقول الابن «زياد» عن أبيه «الشاعر»: تقوم القصيدة بكتابته قبل أن يقوم هو بكتابتها، أجده في ذلك البيت الشعري «الملون» الذي يكتبه دونما قلم، أجده في كتاباته النقدية، السياسية، الثقافية، والاجتماعية.. «زياد» لا يريد الزيادة، ولكنّ أباه «ابن إدريس» الرمز الفكري والأدبي لا يمكن التوقف عن الحديث عنه.. اتحفنا يا «زياد» بالقول: «ابن إدريس ليس من شعراء نجد المعاصرين، بل هو هذا الكتاب النقدي البكر وأشياء أخرى، لكن هذا الكتاب وقد جاء على حين فترة من الغياب النقدي في نجد، فقد حُق نظراً لريادته وتفرده وتفوقه أن يكون العلامة المميزة في سيرته الذاتية».. توقف يا «زياد» قبل تهتز قدماك على حبل الحياد. ما أبهاك أيها الراحل «الأسطورة» حين كتبت قصيدتك عندما تجاوزت ال80 وأنت تشاهد رفيقة دربك بجوارك وهي تعاني الأسقام وتقدم العُمر، فقلت فيها: أأرحل قبلك أم ترحلين وتغرب شمسي أم تغربين وينبت ما بيننا من وجود ونسلك درب الفراق الحزين