يرجع بعض المؤرخين تاريخ وضع الحديث وسنده على لسان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى عام 41 للهجرة، حينما انقسم المسلمون شيعاً وأحزاباً ومذاهب، فكان الانتصار للمذاهب والأحزاب أحد الأسباب لوضع الأخبار واختلاق الأحاديث ولم يسلم الوضع الاجتماعي والاقتصادي من هذا الاختلاق والوضع. بعد خروج المسلمين فاتحين من مدينة رسول الله واستقرارهم في مجتمعات جديدة واختلاطهم بعادات وأعراف وتقاليد وأديان ولغات أدت إلى تنافس وعصبية مع هذه الأمم، ويظهر هذا في الأحاديث التي اختلقت مثل (كلام أهل الجنة بالعربية وكلام أهل السماء والموقف بالعربية)، وحديث (من أحسن منكم أن يتكلم العربية فلا يتكلم الفارسية فإنه يورث النفاق). كما لعبت المصالح الاقتصادية دوراً في وضع الحديث، فكانت الدعاية للأطعمة مثل (ربيع أمتي العنب والبطيخ) (كلوا التين فإنه يذهب البواسير وينفع من النقرس)، حتى باعة الأحجار الكريمة لفقوا أحاديث عن بركة وأهمية حجر العقيق ليشتريه الناس، وغيرها كثير تطفح بها الكتب مثل كتاب (الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة) للشوكاني (وسلسلة من الأحاديث الضعيفة) للألباني إضافة إلى الزنادقة والجهال والمندسين على الإسلام والقصاصين الذي سحروا آذان الناس وأتوا بكذب عظيم مثل الذي وضع حديثا في فضائل سور القرآن عندما رأى انصراف الناس عن قراءته واستبدلوه بقراءة فقه أبي حنيفة. هناك عدة معايير لمعرفة الحديث الكاذب من الصحيح منها أن لا يكون الحديث مخالفا لمنطوق العقل، أو أن يأتي الحديث ركيك المعنى يستحيل صدوره عن نبي الأمة. أو أن يتضمن وعيداً شديداً على أمر صغير أو وعداً عظيماً على أمر بسيط، مثل حديث لعن الله النامصة والمتنمصة وهو حديث موقوف على ابن مسعود فعله لا يستوجب اللعن لمن أرادت أن تتزين لزوجها وتعتني بنفسها، فكيف تطرد من رحمة الله، أو حديث تلعن الملائكة المرأة التي تنام وزوجها غضبان عليها، أو أن يكون راوي الحديث مشهورا بالكذب مثل عمرو بن زياد الذي قال على لسان رسول الله من نظر إلى محاسن امرأة فغض بصره رزقه الله عبادة يجد حلاوتها في قلبه، قال عنه الدار قطني كذاب يضع الحديث ويحدث بالبواطل، ومنها مخالفة الحديث لما جاء في القرآن من أحكام وقواعد، مثل حديث (شاوروهن وخالفوهن) أو أن رسول الله إذا أراد الحرب دعا نساءه فاستشارهن ثم خالفهن، فهذا معارض بقوله تعالى (وأمرهم شورى بينهم) (وشاورهم في الأمر)، وما فعله في صلح الحديبية حين امتنع المسلمون عن نحر هديهم وحلق رؤوسهم احتجاجاً على الصلح المجحف مع مشركي مكة دخل رسول الله على أم سلمة مهموما فأشارت عليه أن يخرج ولا يكلم أحداً حتى ينحر هديه ويحلق رأسه الشريف فسمع الرسول مشورتها فلما رآه المسلمون قاموا فنحروا وجعلوا بعضهم يحلق لبعض وقال لها لقد نجى الله بك المسلمون من عذاب أليم. أقف طويلاً عند حديث ( لولا النساء لعبد الله حقاً)، أو حديث (لولا المرأة لدخل الرجل الجنة)، والمرأة في حقيقتها لا تقل عن الرجل في إخلاصها لدينها وتمسكها بإسلامها أمينة في حديثها لم تلحقها عيوب الرجال في الكذب على رسول الله، فهن قانتات عابدات صالحات أقبل عليهن العلماء فأخذوا عنهن الحديث الصادق حتى كان لابن عساكر أكثر من ثمانمائة امرأة أخذ منهن علم الحديث، كما ذكرها الحافظ الذهبي في كتابه ميزان الاعتدال في نقد الرجال، فقال هناك عدة آلاف من الرجال متهمين بوضع الحديث ليس بينهم امرأة واحدة، وفي كتاب الطبقات لابن سعد ذكر أكثر من ألف وسبعمائة امرأة روت الحديث عن رسول الله. ومن أراد أن يعبد الله حقاً فلا يجعل النساء سبباً في صرفه عن العبادة. حديث يقول (لا تسكنوهن الطابق الثاني من المنزل)، فهذا الحديث يخالف منطوق العقل والمنطق وفيه من ركاكة المعنى ما يستحيل صدوره عن رسول الله ومن رواه قد يكون صاحب مصلحة عقارية خاصة. حديث (لا تعلموهن الكتابة وعلموهن المغزل وسورة النور)، وهذا كذب وافتراء، ففي كتب الحديث باب بعنوان الكتابة إلى النساء وجوابهن جاء فيه (حدثتنا عائشة بنت طلحة قالت لعائشة أم المؤمنين وأنا في حجرها وكان الناس يأتونها من كل مصر، وكانوا يزورونني لمكاني منها. وكان الشباب يتأخونني فيهدون إلي ويكتبون إلي من الأمصار فأقول لعائشة يا خالة هذا كتاب فلان وهديته، فتقول لي عائشة إي بنية فأجيبيه وأثيبيه فإن لم يكن عندك (هدية) أعطيتك، قالت فتعطيني، وقد خصص رسول الله الشفاء بنت عبد الله لتعليم زوجته حفصة الكتابة، وحديث (أجيعوا النساء جوعاً غير مضر واعروهن عرياً غير مبرح) وهو الذي كان يضع اللقمة في فم زوجاته، كلام رخيص لا يصدر ممن أرسله الله رحمة للعالمين. أحاديث وضعت لتحجيم المرأة وكبتها ومنعها من الحياة العامة ليتسيد الذكر المشهد في تجنٍ واضح يخالف القرآن وأفعال رسول الله. لكلمة الأمير محمد بن سلمان معانٍ سامية تدعو إلى نبذ الكذب على رسول الله والعمل بالحديث المتواتر وفق أحكام الشريعة وقواعد الفقه، لننعم بالإسلام الوسطي المعتدل.