حين لم نعلمهم سلوكيات وأدبيات المدرسة المحمدية، ولم نتحاور ونتناقش معهم في أسباب اختلاف القيم الإنسانية، ولم نمدهم بِما يلزم من عطاء؛ فلا نصيح إن وجدنا منهم البُعد والجفاء، أبناؤنا منذُ الولادة نحنُ لهم مرآة يريدون أن يصبحوا مثلنا في كل شيء حتى في طريقة ارتداء الحذاء، فازرعوا فيهم الذكاء والتغاضي، والعطاء في مواطن الخير من غير انتظار مردود، والبخل في الآثام بِلا أي حدود، والتغافل في المساوئ والتجاهل في الجِدال العقيم والهروب مِن المثالب والوقوف في المآسي، علموهم في خُطاهم للمساجد أن السكون وعند انقضاء الصلاة الذكر والدعاء، علموهم أن لا يتقدموا من هم أكبر منهم سِناً نهاراً وأن يمشوا أمامهم ليلاً لِيقوهم سوء عثرات ظلام الطريق، علموهم عند العودة للمنزل أن يقبلوا الرؤوس والأيادي وقاراً واحتراماً لكم، علموهم أن يفسحوا في المجالس وبالأخص للمسنين وأن يلتزموا الصمت والإنصات حين يتحدث أهل العلم والكبار، علموهم أن لا يرفعوا أصواتهم في حضوركم أو في مجالسة الغرباء، علموهم أن يأكلوا بيمينهم ومما يليهم، وأن إكرام الضيف واجب والابتسامة في وجه الغير صدقة وأن اللين في القول من أسرار مفاتيح القلوب، وأن اليُسر في الأمور خير من العُسر، ذكروهم بأن معلمنا الأول صلى الله عليه وسلم ما خُير بين أمرين إلا اختار أيسرهما للعِباد، وأن من يمشي لمسألة لأخيه المسلم خير من أن يمشي للعِبادة، علموهم حب الآخرين ومد يد العون للمحتاجين، علموهم أن يتسابقوا في الخيرات وأن يتراجعوا في النظر إلى حُرمات الله والغيبة والنميمة والتجسس، علموهم أن يراقبوا ألسنتهم، فللأسف قد كثر الشتم واللعن فكثرت الذنوب، ازرعوا في قلوبهم أن حُبكم أقل منزلةً من حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. أخيراً.. أدمعت عيناي حين رأيت أبناءنا يجوبون في الطرقات خلف المُلهيات والمغريات بِلا غيرة أو طموح، وهذا ذنبنا حين تناسينا تربيتنا بين مجالس العلم ومساعدة الغير خفاءً، وانشغلنا بأعمالنا التي لم يجن منها الأبناء سوى الثوب والحذاء.