بين الارتفاع الأقصى والهبوط السريع، تتبخر أماني ملايين الحالمين بالثروة المفاجئة، التي باتت رهينة أحرف معدودات تكتب على «تويتر» من أشهر مليارديرات العالم، الذين يتابعهم الشغوفون بالاستثمار في العملات المشفرة. فبعد سلسلة تغريدات أطلقها المياردير المعروف الرئيس التنفيذي لشركة «تسلا» أيلون ماسك، فقدت أشهر العملات المشفرة «بيتكوين» حوالى 50% من قيمتها، وانحدرت إلى 28.800 دولار بعدما كانت قيمتها أكثر من 65 ألف دولار في أبريل الماضي، حيث أعلن أن شركة تسلا للسيارات الكهربائية قد أوقفت قبول عملة البيتكوين كطريقة للدفع لشراء سياراتها بسبب المخاوف البيئية المتعلقة باستخدام الطاقة الكهربائية بشكل كثيف في إنتاجها، وبسبب ذلك تسبب ماسك في محو أكثر من 300 مليار دولار من سوق العملات المشفرة بالكامل في ذلك اليوم. على النقيض من ذلك أدت تغريدة من رجل الأعمال المكسيكي ريكاردو ساليناس بلييغو، مالك أحد البنوك الذي يتابعه 906.000 شخص، في صعود عملة بيتكوين بنحو 4.3% لتصل إلى 34.200 دولار، مفادها أنه يحث بلاده على قبول العملة المشفرة وشجع متابعيه على «تويتر» لشرائها، قائلا: «أنا وبنكي نعمل على أن نكون أول بنك في المكسيك يقبل بيتكوين». وقفزت عملة بيتكوين بنحو 4.3% لتصل إلى 34.200 دولار. ثأثير مفاجئ واتجاهات متناقضة تغريدات المليارديرات، وتأثيرها المفاجئ، يعاكس أحيانا ما تتبناه حكومات دول كبرى من سياسات تقلص من بزوغ نجم العملات المشفرة، إلى حد المنع من تداولها، إذ حظرت الصين على المؤسسات المالية وشركات المدفوعات تقديم خدمات العملات المشفرة؛ الأمر الذي أدى لتسجيل بيتكوين وإيثيريوم أكبر هبوط ليوم واحد منذ مارس من العام الماضي، وهو ما تسبب في خسائر للقيمة السوقية لقطاع العملات المشفرة بكامله تقترب من تريليون دولار، كما هوت إيثيريوم إلى 1850 دولارا، وهو أيضا أضعف مستوى لها منذ أواخر يناير الماضي قبل أن تتعافى إلى 2433 دولارا. بريطانيا هي الأخرى، اتخذت نفس النهج تقريبا، إذ حظرت سلطة السلوك المالي، منصة «بانياس» الشهيرة لتبادل العملات المشفرة من تقديم خدمات معينة في البلاد. وقالت السلطة، في بيان: «لا يُسمح بالقيام بأي نشاط منظم في المملكة المتحدة، لا يوجد كيان آخر في Binance Group يحمل أي شكل من أشكال التفويض أو التسجيل أو الترخيص في المملكة المتحدة لممارسة نشاط منظم في المملكة المتحدة». وتضمن البيان أيضاً تحذيراً بشأن تقلب أسواق العملات المشفرة، حيث قالت السلطة: «احذروا من الإعلانات عبر الإنترنت وعلى وسائل التواصل الاجتماعي التي تعد بعوائد عالية على الاستثمارات في الأصول المشفرة أو المنتجات ذات الصلة بالأصول المشفرة». أمريكا هي الأخرى، أطلقت ملاحظات لاذعة بشأن آفاق بيتكوين، على لسان نائب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي للإشراف، أرك راندال كوارلز، الذي قال: «عوامل الجذب الإضافية الرئيسية لبيتكوين هي حداثتها وإخفاء الهوية، و السرية ستجعلها هدفاً مناسباً للتدقيق الشامل بشكل متزايد من قبل جهات إنفاذ القانون، وستظل عملة بيتكوين وأمثالها، وفقاً لذلك استثماراً محفوفاً بالمخاطر ومضاربة بدلاً من كونها وسيلة دفع ثورية». حسابات المشاهير تحرك الملايين بيّن الخبير ومحلل الأسهم أحمد الدعيج أن رجال الأعمال المشاهير الذين يتابعهم ملايين البشر على حساباتهم الشخصية عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ «تويتر» وغيرها، يستطيعون تحريك سوق تلك العملات، مستغلين وجود أعداد كبيرة من المستثمرين المبتدئين الذين لديهم شغف الدخول في هذا العالم، خصوصا بعد الارتفاع الكبير الذي شهده سوق العملات المشفرة إلى الحد الذي وصلت فيه إلى أن أسعار بيتكوين بلغت 65 ألف دولار. وقال الخبير ومحلل الأسهم محمد الراجحي: «في رأيي ستتجه مستقبلا جميع الدول الغنية والفقيرة للعملات الرقمية والسبب وجود خلل واعتلال في النظام المالي العالمي الحالي، ومنه نظام المدفوعات الذي هو جزء من هذا النظام، الذي تمثله العملات الرسمية التقليدية لكل الدول، وما سيزيد من الخلل في هذا النظام المالي الحالي هو ظهور الآثار السلبية الاقتصادية الخانقه بسبب تبعات أزمة كورونا». وقال: «برأيي ستنقسم الدول إلى قسمين دول فقيرة، ستبدأ باعتماد بعض العملات الرقمية الدارجة مثل البيتكوين وغيرها، ودول غنية ستعتمد عملات رقمية رسمية خاصة بها، وسينتج عن هذا الانقسام توتر اقتصادي حاد بين القسمين من تلك الدول، وقد ينتهي الأمر باتفاقية دولية على غرار اتفاقية برايتون وودز عام 1944 كاتفاقية تنظم آلية عمل تلك العملات بالمجمل، وهذه رؤية خاصة تحتمل الخطأ والصواب».