178 مليون إصابة... 3.84 مليون وفاة. 2.43 مليار جرعة لقاح في 180 بلداً ومنطقة. هذه هي حال العالم اليوم. وهي حال تُغني عن السؤال! ينشغل الناس في كل مكان بشؤون الحياة اليومية. وينسون أو يتناسون مأساة الوباء الذي يتفاقم، ولا ينقص مطلقاً، غير عابئ بمليارات الجرعات من اللقاحات المناوئة له. ولا تُستثنى من ذلك الدول الكبرى المنتشية بنجاحاتها في تلقيح قطاعات عريضة من سكانها، وأنهكت أخيراً في الإعادة الكاملة لفتح اقتصاداتها. وربما كانت بريطانيا أفضل حالاً من هذه الناحية. فقد أعلن وزير واثنان من أبرز علماء المملكة المتحدة أمس أن كوفيد-19- المرض الذي يسببه فايروس كورونا الجديد- باقٍ إلى الأبد، ولا بد من أن يتعلم الناس التعايش معه، أسوةً بنزلة البرد العادية، التي يسببها أيضاً أحد فايروسات عائلة الفايروس التاجي (كورونا). وقال وزير شؤون مجلس الوزراء البريطاني مايكا غوف أمس إن الحكومة ستبذل قصارى جهدها من أجل حماية الشعب؛ لكن من الضروري أن «يقبل» الجمهور بأنه ستكون هناك وفيات من جرّاء كوفيد، حين يتم تحرير بريطانيا من أصفاد الإغلاق في 19 يوليو القادم. وفيما قال علماء بريطانيون إنه يستحيل تحقيق مجتمع خال من كوفيد؛ قال كبير أطباء الحكومة البريطانية البروفسور كريس ويتي، وكبير علمائها سير باتريك فالانس أمس إن لا مناص من أن يتعايش الناس مع الفايروس. وواكبت تلك التصريحات الإعلان أمس عن أن بريطانيا زحزحت إسبانيا من إحراز أعلى معدل يومي للإصابة بالفايروس في أوروبا. وأظهرت أرقام موقع «عالمنا في بيانات»، الذي يديره علماء جامعة أكسفورد، أن 107.3 أشخاص من كل مليون نسمة في بريطانيا جاءت نتائج فحوصهم إيجابية يومياً خلال الأسبوع الماضي. وكانت بريطانيا قبل ذلك من ضمن دول القارة الأقل إصابات يومية، بحكم جدها واجتهادها في نشر التطعيم وسط سكانها. غير أن تفشي سلالة «دلتا»، القادمة من الهند، غيّر الأوضاع تماماً. وتقف بريطانيا الآن على رأس 43 دولة أوروبية شملتها بيانات الموقع المذكور. وتأتي بعدها إسبانيا ب 104.6 مصابين من كل مليون نسمة. وتعقبها لاتفيا (92.1 شخص من كل مليون نسمة)، ثم أندورا (90.6 شخص من كل مليون نسمة). ومن مفارقات بيانات جامعة أكسفورد أن إيطاليا التي كانت إحدى أشد دول أوروبا تضرراً من الموجة الأولى من الهجمة الوبائية؛ لا يزيد معدل إصاباتها اليومية حالياً على 28.5 شخص من كل مليون نسمة. وتأتي في ذيل القائمة الأوروبية آيسلندا وسان مارينو، وهما الدولتان الوحيدتان اللتان يبلغ معدل الإصابات اليومية في كل منهما صفراً من كل مليون شخص! ورأت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أمس في تزامن تصريحات الوزير غوف وكبير العلماء وكبير الأطباء في شأن ضرورة التعايش مع وجود كوفيد-19؛ حملة منسّقة لصرف النظر عن الوفيات المرجح حدوثها بعد تحرير بريطانيا من الإجراءات الوقائية في 19 يوليو القادم. وقالت أستاذة الطب بجامعة باكينغهام البروفسور كارول سيكورا أمس إن «الوفاة عموماً أمر مزعج ومحزن، لكن من الضروري أن نقتنع بأن كوفيد لا يختلف كثيراً عن الفايروسات الأخرى التي تسبب وفيات في مجتمعنا». وسألت الصحيفة أستاذ مكافحة الأوبئة بجامعة كامبريدج البروفسور راغب علي عن عدد الوفيات الذي يمكن للحكومة أن تعتبره مقبولاً لديها بعد إعادة فتح البلاد في 19 يوليو القادم؛ فردّ بأنه إذا أمكن التأسي بالوفيات التي يتسبب بها فايروس الإنفلونزا العادية، فإن الحكومة البريطانية تتحمل نحو 50 ألف وفاة سنوياً. وفي تطور مثير للقلق أمس، كشف علماء في روسيا أنهم عثروا على سلالة من فايروس كورونا الجديد قادرة على إعطاب فعالية اللقاحات المضادة له. وتم في الحال تسمية هذه السلالة ب «سلالة موسكو». وفيما لم تعلن السلطات شيئاً محدداً حيال تلك الأنباء، قالت صحف محلية إن الخبراء الروس واثقون من أن اللقاحات ستظل فعالة ضد هذه السلالة. وظلت العاصمة الروسية موسكو تواجه ارتفاعاً في عدد الإصابات الجديدة بالفايروس منذ منتصف مايو الماضي. وبلغ عدد الحالات الجديدة الأحد الماضي 7704 إصابات، وهو الأكبر في أي يوم منذ 24 ديسمبر الماضي. وأعرب علماء معهد جماليا للأبحاث، الذين ابتكروا لقاح سبوتنك الروسي، عن اعتقادهم بأن «سلالة موسكو» قد تكون سبب تلك الزيادة في عدد الحالات الجديدة. وأعلن عمدة موسكو سيرغي سوبيانين أمس أنه تقرر تجهيز آلاف الأسرّة في مشافي موسكو استعداداً لتزايد محتمل في عدد المصابين. وكان سوبيانين أعلن قبل 3 أيام منح جميع العاملين والموظفين في موسكو إجازة مدة أسبوع، في مسعى لكبح تفشي الفايروس. أعلن حاكما ولايتي نيويورك أندرو كومو، وكاليفورنيا غافن نيوسم أمس الأول إلغاء جميع التدابير الصحية التي كانا فرضاها بسبب تفشي وباء كوفيد-19. وقال كومو إن 70% من البالغين في ولايته حصلوا على الأقل على جرعة واحدة من اللقاحات المضادة للوباء. وشملت قراراته الأخيرة إلغاء التباعد الجسدي، وارتداء الكمامة، والفحص الإلزامي. وقال نيوسم إنه قرر منح 5 أشخاص خضعوا للتطعيم جوائز قدر كل منها 1.5 مليون دولار، إيذاناً بإعادة فتح خامس أكبر اقتصاد في العالم اعتباراً من الثلاثاء. وكانت كاليفورنيا- أكثر ولايات أمريكا سكاناً- لجأت إلى الإغلاق الكامل بعدما بلغ عدد الإصابات هناك 3.7 مليون حالة. وأوضح حاكم نيويورك أن شركات الولاية ومصانعها يمكنها أن تختار استمرار التقيد بالتدابير الاحترازية؛ لكنها ليست ملزمة بذلك من ناحية قانونية. وكانت نيويورك قد رزئت بالإصابة بأكبر عدد من حالات كوفيد في العالم. وفرض حاكمها أحد أشد تدابير الإغلاق تشدداً في العالم.