واجهت المملكة خلال العامين الماضيين خيارات صعبة واتخذت قرارات مؤلمة على ضوء تفشي وباء كورونا؛ حيث كان محور اهتمام القيادة الحكيمة هو صحة الإنسان، سعوديا كان أو مقيما أو حتى مخالفا لأنظمة الإقامة، وضربت مثالا حيا لاحترام حقوق الإنسان، والتزمت السعودية بالإجراءات البروتوكولية الصحية نصا وروحا. ومع قدوم موسم الحج الذي يعتبر أحد أركان الإسلام الخمسة اتخذت قرارات استثنائية في موسم حج العام الماضي بالاكتفاء بحجاج الداخل من سعوديين ومقيمين وفق البروتوكولات العالمية وحققت أقصى معايير النجاح.. في موسم الحج الحالي ومع ظهور سلالات جديدة من وباء كورونا المتحور واستمرار تفشي الوباء؛ اتخذت القيادة الحكيمة قرارا مماثلا حكيما بالاكتفاء بحجاج الداخل وتحديد أعدادهم ب60 ألف حاج سعودي ومقيم وفق ضوابط وحوكمة صحية معيارية، والارتكاز على مؤشرات طبية تؤكد استمرار جائحة كورونا، بما يكفل إقامة الشعيرة على نحو آمن وصحي؛ لضمان عدم تفشي الفايروس، في ظل استمرار الجائحة وظهور متحورات منه في عدد من دول العالم. القرار السعودي حظي بإجماع إسلامي عربي وخليجي لحفظ حياة الناس وهو أحد مقاصد الشريعة الإسلامية كون المملكة استندت في قرارها على إجماع آراء العلماء الشرعيين والخبراء في مجال الطب بشأن تفشي فايروس كورونا، وضرورة التصدي لانتشاره والتخفيف من آثاره السلبية. لقد تعاطفت المملكة مع مشاعر الملايين من المسلمين الذين كانوا يرغبون في أداء الحج ولكن الحفاظ على سلامة وصحة الحجاج كان هو الهدف الأسمى وهو أحد مقاصد الشريعة الإسلامية. لقد أجمعت المرجعيات والمنظمات الإسلامية على أن قرار المملكة يراعي عدم تعطيل فريضة الحج، والحرص على سلامة حجّاج بيت الله الحرام. وتصدّر قرار السعودية بشأن إقامة شعائر الحج هذا العام بأعداد محدودة مخصصة للمواطنين والمقيمين عناوين الصحف العالمية والإسلامية والعربية بامتياز، ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة، ووسائل التواصل الاجتماعي وتحديدا في دول جنوب وشرق آسيا في منطقة يقطن فيها أكبر تجمع إسلامي في العالم، وتملك نحو 50% من حصة الحجاج سنويا. وأكدت في تعليقاتها أن تنظيم شعيرة الحجّ في ظل استمرار الجائحة وضع المملكة أمام مسؤولية إنسانية وشرعية وصحية عظيمة، حيث إن حفظ النفس من الضرورات الخمس التي جاءت بها مقاصد الشريعة الإسلامية.. وهو ما أيده وزير الشؤون الدينية الماليزي الدكتور ذو الكفل محمد البكري، الذي ثمّن التعاون البناء مع المملكة منذ بداية الأزمة، عبر صفحته على موقع «فيسبوك»، التي حظيت بتداول واسع في أوساط الماليزيين. كما ثمّنت الدول الإسلامية القرار وكان هناك إجماع على أن السعودية لم تكن تملك حلا أفضل بسبب الجائحة التي فرضت على السلطات إقامة الحج بأعداد محدودة. وكانت «ستريتس تايمز» شفافة في معرض تعليقها على الأسباب التي أدت لتقليص عدد الحجاج، قائلة إن التجمعات الضخمة تعد مصدرا رئيسياًلانفجار العدوى، وفي مواسم الحج يحتشد ملايين الناس في الأراضي المقدسة، وهو ما دفع السلطات السعودية لاتخاذ القرار المناسب لمجابهة المأساة التي تعيشها البشرية مع كوفيد-19.