ليس في بريطانيا، التي يعمرها 64 مليون نسمة، من هو أكثر شقاء من رئيس وزراء حكومة حزب المحافظين بوريس جونسون! فقد وجد نفسه يتنازعه العلماء بأرقام تمزقه شطريْن. فمن علمائه من يتسلح بأرقام تؤكد تردي الأزمة الصحية، مع هيمنة سلالة دلتا المتحورة المكتشفة أصلاً في الهند، ما يحتم تأجيل «يوم الحرية»، الذي حدد له جونسون 21 يونيو الجاري موعداً. ومن علماء حكومته من يتسلحون بأرقام تؤكد أن الوضع ليس بالسوء الذي يتصوره غيرهم، وأن لا داعي لتأجيل إعلان رفع ما بقي من تدابير الإغلاق والقيود الصحية المفروضة منذ يناير الماضي. دعاة التأجيل: الأرقام تؤيدنا يتمسك عدد كبير من علماء بريطانيا بأن الإحصاءات الرسمية تدفع باتجاه تأجيل يوم تحرير بريطانيا من قيود الإغلاق. فقد أعلنت وزارة الصحة البريطانية أمس (الأربعاء) أنها سجلت 6.48 إصابة جديدة بالسلالة الهندية خلال الساعات ال24 الماضية، ووفاة وحيدة نجمت عن كوفيد-19. وأشارت إلى أن شمال غربي إنجلترا أضحى مرتعاً خصيباً لتفشي السلالة الهندية، وإلى أن ثلث عدد إصابات الثلاثاء حدثت في تلك المنطقة: 1673 إصابة في محيط مانشستر وليفربول. ويمثل عدد إصابات الثلاثاء ارتفاعاً في العدد المسجل الأربعاء الماضي بنسبة 90%، وهو أكبر قفزة لعدد الإصابات منذ عيد الميلاد نهاية 2020. وقالت وزارة الصحة إن 13 شخصاً توفوا بكوفيد-19، وإن 126 مصاباً تم تنويمهم في مستشفيات في 2 يونيو. وأبلغت الحكومة البريطانية أمس نحو 6 ملايين نسمة في مناطق شمال غربي إنجلترا بأن أي تلاقٍ بين الناس يجب أن يتم في الهواء الطلق، وأن عليهم تفادي السفر ما وسعهم ذلك، لكبح تفشي السلالة الهندية. وقال وزير الصحة مات هانكوك أمس إن التدابير الوقائية المشددة المفروضة في بلدة بولتون سيتم تمديدها وتعميمها في جميع مناطق مانشستر ومقاطعة لانكشاير. وشدد على ضرورة مراعاة مسافة التباعد الجسدي. ويبلغ عدد سكان تلك المناطق 5.7 مليون نسمة، أي نحو شخص من كل 10 أشخاص في بريطانيا. وأقر الوزير هانكوك بأن الحكومة تواجه تحدياً كبيراً في شأن ما إذا كان يتعين المضي قدماً في يوم تحرير بريطانيا أم تأجيله. ووصف ذلك بأنه «قرار من الصعب اتخاذه». وكشف هانكوك أن البيانات بشأن فعالية اللقاحات ضد السلالة الهندية لن تكون جاهزة قبل أقل من أسبوعين. وقررت حكومة جونسون الاستعانة بالجيش البريطاني لمساندة سكان تلك المناطق التي تضم 22 سلطة محلية، من خلال توزيع الفحوص السريعة، وفرض الالتزام بارتداء الكمامات، خصوصاً في المدارس الثانوية. دعاة التعجيل: الأرقام مطمئنة أما العلماء والخبراء الذين يرون أنه يتعين الوفاء بالتعهد بتحرير بريطانيا من قيود الإغلاق، فيتمسكون أن الأرقام المتاحة تؤكد فعالية اللقاحات في كبح السلالة الهندية. فهي على رغم تزايد تفشيها غدت، بفضل اللقاحات، غير قادرة على زيادة شد أعراض المصابين لدرجة التنويم في المشافي. وعلى رغم ارتفاع الإصابات الجديدة؛ فإن تلك الزيادة لا تعدو أن تكون 4.2%. ويقول دعاة التعجيل بالتحرير إن عدد الأشخاص الذين تم تنويمهم خلال الأسبوع الماضي بلغ 869 شخصاً، يمثلون انخفاضاً نسبته 0.6% عن الأسبوع الذي سبقه. كما أن عدد المنومين انخفض 97.3% عما كان عليه في 12 يناير الماضي. وتم في ذلك اليوم تنويم 4578 مصاباً إبان ذروة الموجة الثانية. وعلى رغم أن معدل الإصابات الأسبوعي ارتفع حالياً بنسبة 169.7% عما كان عليه في 5 مايو الماضي؛ إلا أن عدد حالات التنويم اليومية ارتفع فقط بنسبة 4.2% مقارنة بمطلع مايو الماضي. وأشاروا إلى أرقام أكدت أن أكثر من ثلثي من اضطرتهم الإصابة بالهندية إلى الذهاب إلى أقسام الطوارئ في المستشفيات لم يكونوا بحاجة للتنويم. ذكرت دراسة ألمانية أن إعطاء الشخص جرعة من أحد اللقاحات، والجرعة الثانية من لقاح آخر ليس مأموناً وفعالاً فحسب، بل قد يوفر مناعة أكبر مما لو أعطي الشخص جرعتين من اللقاح نفسه. وأشارت إلى أنه بعد مراقبة تطعيم 340 كادراً صحياً بمزيج من اللقاحات اتضح أن رد الفعل المناعي كان أكبر 4 أضعاف مما حدث للأشخاص الذين حصلوا على الجرعتين من لقاح واحد. وكانت دراستان سابقتان في ألمانيا وإسبانيا أكدت أن إعطاء الشخص جرعة من لقاح فايزر-بيونتك، وأخرى من لقاح أسترازينيكا الإنجليزي أدى إلى إنتاج عدد أكبر من الأجسام المضادة لكوفيد-19. وتوقع عضو اللجنة الحكومية البريطانية للتحصين باللقاحات أنه سيأتي يوم يكون لا مفر فيه من المزج بين اللقاحات. وأضاف أنه لن يكون ممكناً أن تضمن السلطات الصحية توافر اللقاح نفسه الذي حصل الشخص منه على جرعتين في حال إذا تقرر إعطاء السكان جرعة تعزيزية ثالثة. مزج جرعتي اللقاح.. أكثر فعالية