واحد من الملفات التي حضرت في حقيبة وزير الخارجية الصيني «وانغ يي» خلال جولته الخليجية، هو الوصول لاتفاقية تجارية حرة مع دول الخليج. فكرة هذه الاتفاقية لم تكن وليدة اللحظة، فالمفاوضات بهذا الشأن بدأت منذ توقيع الصين ودول مجلس التعاون الخليجي على الاتفاقية الإطارية للتعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري والتكنولوجي في عام 2004- 2005، وإطلاق مفاوضاتهما بشأن اتفاقية تجارة حرة بين الدولتين. على ضوء تلك الاتفاقية الإطارية تطورت العلاقات الاقتصادية بين بكين ودول الخليج بسرعة في عدة مجالات تجارية واستثمارية ومشاريع مشتركة، حيث نستطيع ملاحظة تلك التطورات من خلال الزيادة المطردة في حجم التبادل التجاري بين البلدين في آخر ثلاثة أعوام، إذْ تجاوز حجم التبادل التجاري حاجز 500 مليار دولار، الأمر الذي يجعل اتجاه التنمية الصيني متماشياً مع إستراتيجيات التنمية لدول الخليج العربي. في حال توصل الطرفين إلى اتفاق على توقيع اتفاقية تجارة حرة ستزول معظم العوائق التجارية، مما ينتج عنها خفض تكاليف المعاملات التجارية وزيادة حجم التبادل التجاري عما هو عليه اليوم بين دول الخليج والصين، فضلاً عن تعزيز الكفاءة الاقتصادية. لهذا سيكون لتلك الاتفاقية الأثر الإيجابي على كل المستويات الاقتصادية والقطاع الخاص والمستهلكين. على المستوى الاقتصادي، تقود اتفاقيات التجارة الحرة خلق فرص تجارية واستثمارية تعزز وتساهم في النمو الاقتصادي وزيادة الناتج المحلي الإجمالي، كما ستساهم في زيادة الابتكار، وأيضاً ستعمل تلك الاتفاقيات على المساعدة في الاستخدام الأمثل للموارد، مما يؤدي إلى زيادة الإنتاجية والنمو وخاصة في الصناعات الأكثر كفاءة، وهو ما سينعكس، بشكل إيجابي، على زيادة أجور العمال. واحد من حسنات اتفاقيات التجارة الحرة هو زيادة الاستثمار الأجنبي من خلال تدفق رؤوس الأموال لتوسيع الأعمال وتعزيز الصناعات المحلية؛ ليكون الاقتصاد أكثر ديناميكية ويستمر في خلق وظائف وفرص جديدة. على صعيد القطاع الخاص (المنتجين) فإن اتفاقيات التجارة الحرة من شأنها أن تخفض تكاليف المدخلات القادمة من الصين، مما سيساعد بقوة على تقليل تكاليف الإنتاج للشركات الخليجية، إضافة لذلك تساهم اتفاقيات التجارة الحرة في زيادة منافسة القطاع الخاص ليصبح أكثر قدرة على المنافسة العالمية. لا نستطيع إغفال جانب نقل الخبرات للقطاع الخاص في دول الخليج من جراء مثل هذه الاتفاقيات حيث تمتلك الشركات الصينية خبرات كبيرة في الجانب الصناعي، لذا عندما تشترك الشركات الصينية مع الشركات الخليجية في العديد من المشاريع الإنتاجية والخدمية فإنه يعد بمثابة تدريب على أفضل الممارسات العالمية في الجانب الصناعي والإداري مع إمكانية الوصول إلى أحدث التقنيات من الشركات الصينية. أما المستهلكون فسينالهم جانب إيجابي من هذه الاتفاقيات من خلال انخفاض الضغوط التضخمية، فمثلاً تنخفض الأسعار عن طريق الواردات القادمة من الصين بسبب انخفاض أو إلغاء الرسوم الجمركية والضريبية، مما سيترك دخلاً أكبر للمستهلكين ينفقونه على منتجات أخرى.