أكد اتحاد غرف دول المجلس أهمية سرعة التوصل في الوقت الحالي إلى اتفاقية التجارة الحرة بين دول المجلس والصين، التي ستفتح الباب أمام إقامة مشاريع اقتصادية ضخمة بين الجانبين. وأوضح الاتحاد أن الاتفاقية ستعمل على جذب التكنولوجيا الصينية، وفتح الأسواق الخليجية والقطاعات الاقتصادية فيه للاستثمارات الصينية، التي من ضمنها القطاع النفطي ومؤسسات المال والتجارة، ومواكبة الاقتصاد الصيني الذي من المتوقع أن يصل حجمه إلى حجم الاقتصاد الياباني بحلول 2020، ثمّ يتخطى حجم اقتصاد الولاياتالمتحدة بعد ذلك بسنوات قليلة. وأشاد الاتحاد بالخطوة التي اتخذتها كل من دول المجلس والصين حول بدء استئناف المفاوضات بشأن مشروع التجارة الحرة بين الجانبين، والتي انطلقت في الرياض مؤخراً تزامناً مع زيارة الرئيس الصيني للرياض حينها؛ إذ إن تأكيد الجانبين على مواصلة التفاوض بشأن تنفيذ مشروع منطقة التجارة الحرة يأتي في توقيت مهم مناسب في ظل التطورات الاقتصادية العالمية، خاصة فيما يتعلق بانخفاض أسعار النفط، كما أن تفعيل اتفاقية التجارة الحرة يتطلب لعب دور حيوي من قِبل القطاع الخاص للجانبين في سير المفاوضات، مشدداً على أهمية تعزيز علاقات دول المجلس مع الصين باعتبارها قوة اقتصادية مؤثرة في جميع اقتصادات العالم، بما فيها الولاياتالمتحدةالأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي. وبيّن الأمين العام لاتحاد غرف دول المجلس عبدالرحيم نقي أن استئناف المفاوضات بين الجانبين بشأن التوصل لاتفاقية للتجارة الحرة يعتبر خطوة مهمة لتعزيز وتوثيق العلاقات الاقتصادية بين دول المجلس والصين؛ إذ حرص الجانبان طوال السنوات الماضية على عقد جولات تفاوض للتوصل إلى الاتفاقية، وحقق الجانبان نتائج طيبة في هذه الجولات. ولعل بدء المفاوضات التي انطلقت مؤخراً في الرياض يؤكد حرص الجانبين على استكمال مناقشة المواضيع كافة المتعلقة بهذه الاتفاقية. وقال نقي: من الممكن الوصول إلى فرص استثمارية هائلة، من خلال توطيد العلاقات الوثيقة بين الصين ودول المجلس، وهما من الأسواق الناشئة الأسرع نمواً في العالم، ولاسيما أن دول المجلس تتمتع بقدرتها على توفير أحد أقل التكاليف التشغيلية في المنطقة، وحد أدنى للقيود على الاستثمارات، إضافة إلى بيئة عمل تنظيمية مجربة ومختبرة؛ ما يخلق بيئة عمل مواتية للاستمارات الدولية. وأضاف بأن الاتحاد بوصفه ممثلاً للقطاع الخاص الخليجي مستعد لتقديم الدعم اللازم للجهات ذات العلاقة في الجانبين من أجل تسريع خطوات تنفيذ مشروع منطقة التجارة الحرة بين الجانبين، باعتبار أن القطاع الخاص في الجانبين أكثر المستفيدين من ذلك. وأشار نقي إلى أن دول المجلس تسعى لتنويع اقتصادها بعيداً عن قطاع النفط والغاز، ومحاولة الاستفادة من تجربة الشركات الصينية في مجموعة واسعة من القطاعات، وعلى الأخص في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والخدمات المالية والنقل والبنى التحتية. وأوضح نقي أن الاتحاد سبق أن أعد دراسات عن مستقبل العلاقات الاقتصادية بين دول المجلس والصين والاقتصاد الصيني، وخلصت هذه الدراسات إلى أن الاقتصاد الصيني أصبح محور اهتمام جميع القوى العالمية، بما فيها الولاياتالمتحدةالأمريكية؛ إذ إن هذا الاقتصاد منذ 1978م تقريباً ينمو بمعدل 6-13 % سنوياً. ولفت نقي إلى أن دول المجلس ترتبط بعلاقات تاريخية وثيقة مع الصين؛ إذ نمت العلاقات التجارية بين الجانبين منذ 1980، وظل حجم التبادل التجاري بينهما يرتفع عاماً بعد عام منذ 1999م، إلى جانب أن الصين صدرت خلال 2004م ما قيمته 10.44 مليارات دولار إلى الدول الخليجية، واستوردت ما قيمته 14.30 مليار دولار. وفي 2006 استوردت دول المجلس ما قيمته 16 مليار دولار من الصين وصدرت ما قيمته 19 مليار دولار لها. أما في 2011 فبلغ حجم المبادلات التجارية نحو 83 مليار دولار، منها 49 مليار دولار للصادرات الخليجية و34 مليار دولار للواردات الصينية. وقال الأمين العام للاتحاد إن العلاقة الاستراتيجية بين الجانبين تقوم على مرتكزات أساسية؛ فالصين تدرك أهمية نفط الخليج بالنسبة لها؛ إذ تعتمد الصين بشكل كبير على نفط المنطقة؛ إذ تعتبر الصين ثاني أكبر دولة في العالم مستهلكة للنفط بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية؛ ففي 2011 استوردت الصين 55 % من احتياجاتها النفطية من دول المجلس، في ظل توقعات بزيادة الطلب على نفط الخليج من قِبل الصين. وأضاف نقي: التعاون الاقتصادي الخليجي - الصيني يعتبر أهم ركائز منظومة العلاقات بين الجانبين؛ فالتبادل التجاري يعتبر أهم محاور هذا التعاون؛ إذ يلاحظ وجود زيادة مستمرة في حجم المبادلات التجارية بين دول مجلس التعاون الخليجي والصين، حتى أصبحت دول المجلس شريكاً استراتيجياً للصين بعد أن حقق الجانبان تعاوناً إيجابياً في مجال المقاولات والطاقة والاستثمار والإلكترونيات ومنتجات الاتصالات الصينية في السوق الخليجية، إلى جانب البترول والغاز والمنتجات الكيماوية. فمنذ مطلع التسعينيات وقعت الصين اتفاقيات استثمار عديدة مع الدول الخليجية؛ ما يعكس اهتمامها لتصبح شريكاً تجارياً رئيسياً معها. وتابع نقي: من هذا المنطلق فإن دول المجلس تستطيع أن توفِّر عنصرين أساسيين في استراتيجية الصين الاقتصادية, هما النفط والأسواق التجارية؛ إذ تعتبر الصين منذ 2003 المستهلك الثاني للنفط في العالم بعد الولايات المتّحدة, وقد تخطّت الصين في تلك الفترة اليابان، واحتلّت مركزها فيما يتعلق باستهلاك النفط مع طلب كلي يساوي 6,5 مليون برميل يومياً؛ إذ تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يبلغ الطلب الصيني على النفط 14,2 مليون برميل يومياً بحلول 2025م مع استيرادها الصافي لنحو 10,9 مليون برميل يومياً، وبازدياد الطلب العالمي على النفط؛ لذا تستطيع دول الخليج أن تمد الصين بما تحتاج إليه من إمدادات نفطية، ولفترات زمنية طويلة. كما أن الصين قادرة على تقديم دعم تكنولوجي وصناعي للدول الخليجية التي تمتلك رؤوس أموال تساعد على تحويل اقتصادياتها إلى اقتصاديات صناعية، شرط تجاوز بعض العوائق المتعلقة بالأمر. كما تستطيع الصين أن تكون ملاذاً لرؤوس الأموال والاستثمارات الخليجية. ودعا نقي إلى أهمية انتهاج دول المجلس سياسة موحدة ورؤية استراتيجية مؤسساتية تجاه مستقبل العلاقات مع الصين، مع ضرورة تعزيز الأنشطة الترويجية الاقتصادية المشتركة بين الجانبين. واقترح نقي إقامة مدن صناعية خليجية مشتركة، من شأنها توفير فرص الاستثمار والعمل للشباب الخليجي في حال تم تقديم التسهيلات المناسبة للمستثمرين الصينيين. مشدداً على أهمية تنظيم فعاليات اقتصادية، يشارك فيها خبراء من الجانبين، بغرض التعريف بالفرص الاستثمارية المتاحة، وكيفية استغلال هذه الفرص من قِبل المستثمرين الخليجيين والصينيين.