دعوات تبرع مشبوهة وأجندة استهداف يرسمها أعداء تخفوا في لباس المحسنين ثم أجادوا العزف على أوتار وعواطف البسطاء لاستعطافهم ودفعهم لتقديم أموال تحت حجج إقامة المشاريع الخيرية وبناء ما تهدم من منازل أو إصلاح ما دمر من طرق. هذه الدعوات و«المبادرات المريبة» حذرت منها الجهات المعنية، أولاً لفقدانها النظامية وعدم حصول أصحابها على ترخيص من الجهات الرسمية، وثانياً لأن القائمين عليها، أهدافهم معلومة الأمر الذي تنبهت له الجهات المختصة في السعودية، وحاصرت أصحابها وضبطت أدواتهم في التحايل، ومن الأدوات رسائل نصية ومنشورات ورقية وأخرى إلكترونية عبر منصات التواصل الاجتماعي، التي تنشر أرقام حسابات مصرفية مجهولة وصكوكاً مزورة وتقارير مرضية مضروبة أو فقراً مصطنعاً.الأخصائي الاجتماعي طلال الناشري حذر من مثل هذه الدعوات المشبوهة لجمع التبرعات، وأكد أن معظم تلك الحالات غير صادقة، وقد تكون غطاء لدعم عمليات ممنوعة أو أنشطة مشبوهة تستهدف الأمن. وقال: «حماية الوطن ومن يقيم على ترابه ومكتسباته ومقدراته حق واجب على الجميع، ولا يعذر منه أحد مهما كان موقعه، علينا منع وصول الأموال إلى الأعداء ووضع زكاة أموالنا وتبرعاتنا في أيدٍ أمينة موثوقة في الجمعيات الخيرية التي لديها تصريح رسمي من الجهات الرسمية التي تتولى جمع تلك المصارف وتوجيهها إلى مستحقيها بشكل منظم ومعروف». ويبيّن الناشري أن تنظيم جمع الأموال أمر حتمي يتطلب دقة وعناية فائقة، لمنع تسربها إلى جهات تعمل على إخلال الأمن في بلادنا ومكتسباتنا في الداخل والخارج؛ لهذا تم إنشاء مركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية، كما تم تأسيس منصات حكومية تعمل على جمع التبرعات وصرفها على المحتاجين في الداخل، ما يحتم علينا توجيه زكواتنا وصدقاتنا وتبرعاتنا إلى تلك الجهات المعتمدة من الدولة. أموال تصل لغير مستحقيها أكد اللواء متقاعد عبدالله حسن جداوي أن المملكة مستهدفة، ولا يجب أن يكون الإنسان داعماً للمعول الذي يهدم أو يزعزع كيان ووحدة بلاده، عبر التبرع لمن قد يستهدفها، وعلى الجميع عدم التجاوب مع الإعلانات والرسائل المجهولة المنتشرة عبر المنصات الإلكترونية التي تستدر العواطف الدينية والمشاعر الإنسانية لجمع التبرعات دون ترخيص ودون إشراف من الأجهزة المختصة التي أسند اليها تنظيم التبرعات وصرفها. ويشدد جداوي على أن تلك التبرعات المشبوهة لا تجد طريقها إلى مستحقيها الحقيقيين، بل توجه نحو تنظيمات إرهابية وجماعات متطرفة ومنظمات سياسية تعمل على استهداف المملكة، ومن الواجب على كل شخص يقيم على أرض الوطن، مواطناً أو مقيماً، الحرص على الجهة التي يريد التبرع بماله لها لتصل هذه التبرعات إلى الجهات المستحقة فعلاً والبحث عن الطرق الصحيحة والجمعيات المرخصة والأساليب الصحيحة بعيداً عن الجهات المشبوهة. نظام جمع التبرعات.. كيف عاقب المخالفين والمتواطئين ؟ تضمن نظام جمع التبرعات وصرفها داخل المملكة، الذي أقره مجلس الشورى أخيراً قصر مباشرة القيام بأعمال الدعوة إلى التبرع وجمعها وصرفها على السعوديين، وتلتزم الجهة المرخص لها ببيان حصيلة جمع التبرعات ومفردات إيراداته ومصروفاته مؤيداً بالمستندات الدالة على صحته. ونص النظام، إذا خالفت الجهة المرخصة أي حكم من أحكام النظام فعلى الوزارة المعنية إيقاف الجمع للغرض الذي جمعت من أجله التبرعات، وأن تنفقها في وجوه البر، ويجوز للبنك المركزي إيقاع الحجز التحفظي على الحسابات البنكية التابعة لأي شخص ذي صفة طبيعية أو اعتبارية يجمع تبرعات أو يدعو إلى التبرع بطريقة تخالف أحكام هذا النظام، ولوزارة الداخلية أو رئاسة أمن الدولة أو وزارة العمل أن تطلب من المؤسسة إيقاع الحجز. ونبهت مواد المشروع على عدم جواز الدعوة إلى التبرع إلا بعد أن تضمن الجهة المرخص لها في إعلانها بيانات تثبت أن نظامها الأساس ولوائحها تجيز لها جمع التبرعات، وأن تضمن رقم الترخيص أو التسجيل الذي أصدرته لها الوزارة، ورقم الحساب البنكي المعتمد، وعنوان المقر الرئيس أو الفرع وهواتفه، ومعلومات غرض جمع التبرعات، ونصت المادة الخامسة للمشروع أن ترخص وزارة العمل والتنمية الاجتماعية لحملة جمع التبرعات وتحدد في الترخيص مدة الحملة والمبلغ المستهدف، وتتوقف الحملة عند انتهاء المدة المحددة أو توافر المبلغ المستهدف. وحذر مشروع النظام من جمع التبرعات عبر أي شخص ذي صفة طبيعية أو اعتبارية ما لم تصدر له موافقة رسمية أو ترخيص، ولا يجوز جمعها أيضاً عن طريق مكاتب متنقلة أو صناديق أو قسائم إلا وفقاً لما تحدده اللائحة، ومنع النظام الجهة المرخص لها من استعمال التبرعات في غير الغرض الذي جمعت من أجله، إلا بموافقة وزارة العمل والتنمية الاجتماعية مع مراعاة شرط المتبرع إن وجد. وتطبق بحق المخالف لنظام جمع التبرعات المقترح عقوبة السجن مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تزيد على سنتين، مع إبعاد غير السعودي عن البلاد بعد انتهاء مدة محكوميته، كما تعاقب الجهة غير المرخص لها بغرامة لا تزيد على 200 ألف ومضاعفة الغرامة في حال التكرار، أما الجهات التي تجمع التبرعات وتنفقها بما يخالف أحكام هذا النظام فتعاقب بغرامة لا تزيد على 500 ألف ريال، وتصل إلى مليون ريال عند التكرار، ويعاقب الموظف ذو الصفة الاعتبارية سواء أكان مرخصاً له أم لا، أو مسؤولية المشرفين عليه أو من في حكمهم بغرامة لا تزيد على 50 ألف ريال، وتعاقب الوسيلة الإعلامية المعلنة بجمع التبرعات بما يخالف أحكام النظام بغرامة لا تزيد على 50 ألف. ولا يجوز جمع التبرعات بأي وسيلة إلا وفقاً لما تحدده اللائحة، وتلزم الجهة المرخص لها خلال أسبوعين من نهاية حملة جمع التبرعات برفع كشف حساب بنكي وتقرير مالي مفصل لوزارة التنمية الاجتماعية موضحاً به التبرعات العينية والنقدية وجهات التبرع سواء من داخل المملكة أو خارجها. «سلمان للإغاثة»: لا تستجيبوا للدعوات المشبوهة حذر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، من التبرع لأي جمعيات أو مؤسسات؛ خشية الوقوع في شراك عمليات مشبوهة، تندرج ضمن غسل الأموال أو تمويل الإرهاب وغيرها، مشيراً إلى أن التبرع يكون من خلال المركز فقط، باعتباره الجهة الوحيدة المخولة بهذا الشأن. وأكد أن ما تقوم به بعض الهيئات والجمعيات من محاولة جمع التبرعات لصالح بعض الدول أو المجتمعات أو المؤسسات أو الجمعيات مخالف للأوامر الصادرة بهذا الخصوص التي تقضي بأن يكون المركز هو الجهة الوحيدة التي تتولى تسلم أي تبرعات إغاثية أو خيرية أو إنسانية؛ سواء كان مصدرها حكومياً أو أهلياً لإيصالها إلى محتاجيها في الخارج وفقاً للأنظمة الصادرة بهذا الخصوص. وأهاب المركز بالجميع عدم الاستجابة لما يُتدَاول من نشرات أو مقاطع عبر بعض وسائل الإعلام أو قنوات التواصل الاجتماعي؛ خشية الوقوع في شراك عمليات مشبوهة، تندرج ضمن غسل الأموال أو تمويل الإرهاب وغيرهما، وأن يكون التبرع من خلال الجهة المخولة. وشدد المركز على أنه هيأ بوابة إلكترونية لاستقبال التبرعات على العنوان التالي: (donate.ksrelief.org) وعبر الرسائل النصية على الرقم (5565)، وأيضاً من خلال منصة إحسان (ehsan.sa/rescue)، كما يمكن للمتبرعين إرسال حوالاتهم بشكل مباشر لحسابات المركز البنكية. وأشار إلى حرص المركز على تسليم المساعدات لمستحقيها في الخارج وفق أعلى المعايير المهنية والشفافية المالية المتبعة محلياً ودولياً، وأكد أن المركز لا يستقطع أي مصاريف إدارية من التبرعات. احذروا المصادر المجهولة حذّر المتحدث باسم رئاسة أمن الدولة، من جهات خارجية مجهولة تقوم بإنشاء مواقع على شبكة الإنترنت، وتدعو لجمع أموال أو تبرعات لغرض المساهمة في «العمل الخيري» خارج المملكة. كما حذر من الاستجابة لتلك الدعوات والرسائل أو تداولها، أو المشاركة فيها، حاثاً الجميع على عدم التبرع؛ لأن ذلك يعرّض المتبرع للمساءلة وفق الأنظمة المعمول بها في المملكة. ودعا المتحدث الراغب في التبرع داخل السعودية أن يتوجّه إلى القنوات المصرّح لها في الداخل، أما من يرغب بالتبرع للخارج، فإن الجهة الوحيدة المصرّح لها بإيصال التبرعات خارج المملكة هي مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية. يشار إلى أن التحذيرات أتت انطلاقا من الحرص على سلامة العمل الخيري، وتنامي مصادر دخله، ونظراً لما لوحظ في الآونة الأخيرة من كثرة الرسائل والدعوات في مواقع التواصل الاجتماعي.