في الواحد والعشرين من يونيو عام 2017، بويع محمد بن سلمان ولياً للعهد، ليصبح من صناع القرار في المحافل الخليجية والعربية والدولية، ووضع بصمته بقوة في المشهد السياسي الإقليمي العالمي، معيداً تموضع المملكة في محيط دول مجموعة العشرين لينجح في أن تتولى المملكة رئاسة قمة مجموعة العشرين في نوفمبر الماضي في المملكة؛ لتقود مؤسسة صناعة القرار في العالم.. الأمير محمد بن سلمان يعرف متى يظهر إعلامياً ولماذا يظهر وماذا يقول... رسائل متعددة مهمة وجهها الأمير محمد بن سلمان في حواره أمس الأول في قناة السعودية، حيث رسم من خلاله خارطة طريق لتحقيق استقرار وسلام المنطقة من دون تنازل عن الثوابت. واتسم حديث ولي العهد بشفافية عالية وثقة كبيرة وقدرة عالية على الإقناع ورؤية ثاقبة في الحديث، حيث وضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بنقاط مهمة في سياسات المملكة الخارجية، خصوصا العلاقة مع الولاياتالمتحدة في ظل إدارة الرئيس جو بايدن، مشدداً على أن المملكة لن تقبل أي ضغط بالتدخل في شأنها الداخلي. ولي العهد كان شفافا عندما تحدث عن وجود تباينات بين المملكة وإدارة بايدن، وقطع الطريق أمام المتصيدين الذين يزعمون أن إدارة بايدن أدارت ظهرها للسعودية، مؤكدا أن «الولاياتالمتحدة شريك إستراتيجي للمملكة منذ أكثر من 80 عاماً، وهناك توافق سعودي مع إدارة الرئيس بايدن بنسبة 90% من الأفكار». وتابع «إنه مع أي إدارة أمريكية قد يزيد هامش الخلاف أو يقل، ولكن مع إدارة بايدن هناك أقل 10% من الخلافات نعمل على تقليلها وحلها»، مشيرا إلى أن هذا هامش اختلاف طبيعي، وليس هناك أي اتفاق 100% بين الدول. الثوابت السعودية كانت حاضرة وبقوة، حيث أكد أن «المملكة لن تقبل أيّ ضغط بالتدخل في شأنها الداخلي»، موضحا أن فلسفة سياستها الخارجية قائمة على تحقيق مصالح المملكة وحفظ أمنها، والمملكة تعمل على تعزيز مصالحها وتتفادى نقاط الاختلاف. الشفافية والمصارحة والثقة والاعتزاز بالهوية، شكلت عناصر أساسية في مقابلة سمو ولي العهد، وعكست ما يتميز به من شخصية قيادية حريصة كل الحرص على بناء وطن قوي يستطيع تجاوز التحديات مهما بلغت قوتها. ورسم ولي العهد خلال حواره، في شقه الاقتصادي، خارطة طريق لمستقبل المملكة بعد الإنجازات التي حققتها بعد 5 سنوات من إطلاق «رؤية 2030»، كما رسم في حواره -في شقه السياسي- خارطة طريق لتحقيق السلام والاستقرار والازدهار لدول المنطقة بما فيها إيران، لكن ضمن أطر وثوابت ومحددات. يمتلك ولي العهد كاريزما خاصة قلما يتميز بها أي من قادة العالم، فهو يسمي الأمور بمسمياتها دون تردد أو مواربة، ويتسم بشجاعة أكسبته احترام وتقدير كل السعوديين بلا استثناء. ظهور سمو ولي العهد الإعلامي، عكس ما يتمتع به من سعة أفق تجاه الكثير من القضايا والتطورات الإقليمية والعالمية من خلال استحضاره للدراسات والأرقام التي تتحدث عن الأوضاع الاقتصادية المستقبلية في كبريات دول العالم. وحول ملف العلاقات مع إيران، قدم الأمير محمد بن سلمان رسائل إيجابية عديدة، أقام من خلالها جسورا لتحقيق الاستقرار والسلام بالمنطقة، ورهن ذلك بتغيير إيران سلوكياتها السلبية. وأوضح أن «إيران دولة جارة وكل ما نطمح إليه أن تكون لدينا علاقة طيبة ومميزة مع إيران، لا نريد وضع إيران أن يكون صعباً بالعكس». وأضاف: «لدينا مصلحة في استقرار إيران، ولكن الإشكالية في التصرفات السلبية لطهران في برنامجها النووي، وبرنامج صواريخها الباليستية، ودعمها لمليشيات خارجية». وفيما يتعلق بأزمة اليمن، أعاد الأمير محمد بن سلمان التأكيد على أن مبادرة السلام التي طرحتها المملكة ما زالت قائمة، داعيا الحوثيين إلى وقف إطلاق النار والجلوس على طاولة المفاوضات، في تصريحات تؤكد سعي المملكة لتحقيق الاستقرار والسلام بالمنطقة.. لقد أعاد ولي العهد رسم المستقبل دون تفريط بالثوابت. إنها رؤية محمد بن سلمان.. قصة نجاح لم ترو بعد.. تحدث فأبدع.. وشرح فأقنع.