في البداية يجب التذكير بأن للإنسان طبيعتين مختلفتين؛ طبيعة دنيا لا واعية وتتمثل بالأنا البدائية الغرائزية وغرورها النرجسي الأناني الصدامي وهي المشتركة مع الحيوانات، والطبيعة الثانية هي طبيعة عليا فكرية وجدانية أخلاقية روحية ربانية واعية يتفرد بها الإنسان، وبحسب النوازع التي يختار الإنسان اتباعها تصبح شخصيته متطبعة بطبيعتها، فإن اختار اتباع نوازع الطبيعة العليا فسيصبح مثاليا ربانيا، وإن اختار اتباع أهواء غرور الأنا الطغياني وأنانيته فسيصبح حيوانيا، ولذا من يريد فهم الإنسان يجب أن يطالع كتب العرفان والحكمة الربانية لأنها تعرف الإنسان على الجانب الرباني من شخصيته، وبالمقابل يجب أن يطالع برامج سلوك الحيوانات ليتعرف على أنماط الجزء الغرائزي الحيواني فيه ليرتقي عن الانسياق فيها بلا وعي كالحيوانات، لأن الإنسان عندما ينساق بلا وعي وراء نزعاته الحيوانية يصبح بمرتبة أدنى من الحيوانات كما ذكر القرآن لأن الحيوان ليس له طبيعة عليا ولذا لا يشينه أن يتصرف دون اعتبار للمثاليات، بينما الإنسان الذي فيه طبيعة عليا فيشينه أن يتصرف كمجرد حيوان دون اعتبار للمثاليات العليا، وأبرز نمط سيلاحظه من يطالع برامج سلوك الحيوانات هو صراعات الذكور على فرض الهيمنة، فذكور الحيوانات فقط هي التي تحدد مناطق سيطرتها عبر نثر إفرازاتها على حدودها وأي أحد يتعدى على حدودها يقوم الذكر المهيمن بالتقاتل معه، وبالوقت نفسه هذا الذكر يحاول غزو منطقة سيطرة ذكر مهيمن آخر للاستحواذ على جماعته وموارده، كما أن الذكور بمواسم التزاوج تقوم بالتقاتل مع بعضها أمام الإناث لتحوز على إعجاب الإناث؛ لأنه بعالم الحيوانات والحشرات التزاوج لا يحدث بالاغتصاب؛ ولذا من يقوم ب«الاغتصاب الزوجي» يكون قد انحط إلى ما دون مرتبة الحيوانات لأن ذكور الحيوانات تعمل على استمالة الأنثى بفنون الغزل والاستعراض بجمالها ومهاراتها وقوتها؛ ولذا ذكور الحيوانات أجمل من إناثها ويقدم لها هدايا طعام وأشياء تفضلها كالحصى بالإضافة للمسكن وإن لم تتجاوب معه لا يهاجمها إنما يعمل على تحسين نفسه، ولهذا الصدام والصراع والحروب هي أنماط غرائزية مختصة بالذكور فقط ولا تقوم بها الإناث، ولذا أثبت التاريخ أن الدول التي لها إرث من الحروب والدمار السياسي عندما دخلت المرأة للشأن العام تحولت لدول مسالمة تتمحور حول تأمين الحياة الطيبة والرخاء كالدول الاسكندنافية أحفاد الغزاة الفايكنج فصارت منذ عقود على رأس قائمة الدول الأسعد والأغنى والأقل جريمة والأقل فساداً؛ لأن طبيعة النساء تتمحور حول تقديم الرعاية والنمط الديمقراطي الشوري بالإدارة.