تجاوز الآلاف أوهام أضرار لقاحات كورونا، وتدفق مئات منهم إلى مراكز التطعيم دون موعد مسبق، ما خلق صورة من التزاحم، ولعبت وزارة الصحة والجهات المعنية الأخرى دورا مهما ومحوريا ببث التوعية في أوساط المجتمع بضرورة تعاطي اللقاح وعدم الالتفات إلى الشائعات التي ترددت عن اللقاحات بمختلف أنواعها، الأمر الذي شكل قناعة جديدة في أوساط المواطنين والمقيمين بالتسجيل في التطبيقات المخصصة للتطعيم أو التوجه نحو المراكز دون موعد سابق. وشهدت مراكز اللقاح في السعودية توافد أعداد كبيرة من الراغبين، ما تسبب في احتشاد الكثيرين أمام البوابات وخلق ربكة في أوساط الكوادر الطبية العاملة، ما دفع وزارة الصحة إلى إطلاق دعوات وتنبيهات عاجلة للالتزام بالمواعيد والمواقيت المحددة. وقالت الوزارة في بيان: «حرصاً على توفير خدمة مميزة في الحصول على لقاح كورونا بدون انتظار نرجو الالتزام بالحضور حسب المواعيد المحددة، وأن عدم الحضور في الموعد المحدد يتطلب حجز موعد جديد مرة أخرى من قبل المستفيد». ورصدت عدسة «عكاظ» إقبالا كبيرا من المستفيدين على مراكز التطعيم وبأعداد كبيرة، خصوصا في الفترة الثانية المسائية خلال شهر رمضان، أي في ساعات دوام عمل المراكز بعد الساعة التاسعة مساء، إذ توافدت الحشود أمام بوابة المراكز قبل موعد فتح أبوابها للفترة الثانية وقبل حضور الممارسين الصحيين والمتطوعين إلى المركز، وتواجدت الجهات الأمنية أمام المراكز لضمان التباعد وفرض النظام وتنظيم من جاءوا دون سابق موعد. وبرر العشرات من هؤلاء وصولهم إلى مراكز التطعيم دون موعد مسبق بعدم قدرتهم على التسجيل في تطبيق صحتي التابعة لوزارة الصحة. وتبين من خلال جولة «عكاظ» أن عشرات ممن وصلوا المراكز دون موعد لا تنطبق عليهم الشروط كالعمر وغيرها، خصوصا أن وزارة الصحة أعلنت في اليومين الماضيين إتاحة التطعيم لكبار السن دون موعد مسبق، كما تبين أن بعضهم توهم أن اللقاح يفطر الصيام فاختاروا الليل موعدا له، علما بأن المرجئين للقاح النهار معظمهم ممن حصلوا على موعد نهاري للتطعيم! وعند وصول الطواقم الطبية والفنية التابعة للمراكز بادروا على الفور بتنظيم الحشود واستخدام قاعدة من لهم أحقية في الموعد، وذلك من خلال فرزهم في نقاط عبور متعددة قبل دخولهم إلى صالة اللقاح ومنع غير المستحقين من الوصول إلى الداخل. التوعية وأدت الشائعات.. اللقاحات آمنة يقول الاستشاري النفسي الدكتور جمال الطويرقي إن حالة نفسية اعترت الناس في السابق بسبب ما تردد من شائعات حول اللقاح، واختلف الأمر الآن بفعل التوعية، ما خلق حافزا للمترددين للتوجه إلى مراكز اللقاح، مؤكدا أن الناس كانت لديهم مخاوف غير حقيقية من تلقي اللقاح لعدة أسباب، حتى بعض الأطباء كانوا يجهلون المرض الجديد وبدا لهم شيء غريب مع تزايد الحالات والوفيات، ثم بدأت الدراسات والأبحاث للعلاج، وبعدها ظهر العلاج ثم ظهر اللقاح، مشيرا إلى أن هناك حربا بين شركات الأدوية لتصنيع اللقاحات والتشكيك في بعضها البعض حتى أصبح لدى الناس ردة فعل سلبية انساقت خلف الشائعات والبعض تخوف من اللقاح؛ خشية من العواقب والأضرار الجانبية التي تروج لها بعض الشائعات، وهذا ما حدث في بعض الدول الأوروبية، إذ كان هناك عزوف تام من تلقي اللقاح حتى زادت الوفيات قبل أن يصبح لدى المجتمع استيعاب بضرورة اللقاح وبالفعل تحول العزوف إلى رغبة كبيرة وأصبحت الأعداد تتوافد بالآلاف. ويرى الاستشاري النفسي الطويرقي أن ربط بعض مصالح المجتمع مثل السفر وخلافه بالتطعيم خلق موجة ورغبة كبيرة عكسية بسرعة أخذ اللقاح. وتوقع أن «الصحة» ستعمل على تحديث إستراتيجيتها في التعامل داخل مراكز اللقاح بعد أن كانت مبرمجة على أعداد معينة، وعليها التوسع في إعطاء اللقاح من خلال إيجاد مراكز كبيرة وزيادة عدد الكوادر الطبية العاملة والمتطوعين والعملية التنظيمية، لأنه من المتوقع أن يزداد عدد الراغبين في أخذ اللقاح إلى مئات الآلاف يوميا، مفسرا ذلك برغبة الناس الكبيرة في الخروج من أزمة كورونا بأسرع وقت ممكن والعودة إلى الحياة الطبيعية. هل ينص القانون على معاقبة «من دون مواعيد»؟ يقول المحامي والمستشار القانوني خالد أبوراشد إنه لا يوجد نص قانوني محدد على معاقبة الأشخاص المتجمعين أمام مراكز اللقاح بدون موعد وتسببوا في إرباك العمل المنظومي في مراكز اللقاح، ولكن في هذه الحالة تخضع كل حالة إلى عقوبة حسب الاعتداء إن وقع الاعتداء، إذا تعمد الشخص إرباك العمل وتعطيل عمل المراكز الصحية في أداء مهماتها وعملها والتسبب في التجمهر فمن المفترض تحويلهم إلى الجهات الأمنية والنيابة العامة والتأكيد على بعدم تكرار مثل هذه الحالات. 10 سنوات سجناً للمعتدين على الأطقم الطبية أفاد ل«عكاظ» الخبير الأمني اللواء مسفر داخل الجعيد أن التجمع والتجمهر أمام مراكز اللقاح دون مواعيد يعتبر تجاوزا، خصوصا مع ظروف جائحة كورونا التي تحتم على الجميع التباعد الاجتماعي للحفاظ على السلامة العامة، وتمكن الممارسين الصحيين من أداء واجباتهم ومهماتهم وفقاً للضوابط المطلوبة. وإذا تطور التجمع إلى الاعتداء وطلب اللقاح بالقوة والاعتداء على الممارس الصحي، لا نغفل أن هناك أنظمة تعاقب المعتدين، وجاءت في اللائحة ما ينص على أن الاعتداء على الممارس الصحي لفظيا أو جسديا يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن لمدة تصل ل10سنوات، وغرامة تصل إلى مليون ريال. وأضاف الخبير الأمني أن التعدي على طوابير النظام في أي جهة حكومية يعتبر مخالفة في الذوق العام، والتي أوصت على عدم تخطي الطوابير في الأماكن العامة، إذ تصل الغرامة إلى 200 ريال. وأوصى الجميع بالحصول على موعد للقاح عبر القنوات المعروفة قبل الذهاب إلى مراكز اللقاح والحضور في الموعد والالتزام به وتقديم كبار السن وعدم التجمع والتجمهر بغير موعد.