لم يعد أمام النظام الإيراني لحفظ ماء وجهه بعد أن تعرضت محطة «نطنز» النووية لضربة موجعة ألحقت أضرارا كبيرة ومست أجهزة الطرد المركزي، الأمر الذي سيؤدي إلى تقويض قدراتها على تخصيب اليورانيوم.. إلا الدخول في «حرب سيبرانية» مع إسرائيل، كون طهران لن تجازف بالدخول في مواجهة مفتوحة أو التعرض للمصالح الإسرائيلية تحسبا لرد مؤلم من تل أبيب. وفيما انقسمت الأصوات في واشنطن بين فريق دعا إلى الرد على الهجمات الإسرائيلية بالإسراع في التوصل إلى اتفاق مع إيران، وفريق آخر نادى باستغلال هذا الواقع الجديد من أجل عدم العودة إلى الاتفاق النووي، يرى فريق ثالث بأن الأضرار التي لحقت بالمنشأة النووية كبيرة لدرجة قد يصعب ترميمها في فترة قصيرة، ما يسهل فرض شروط على طهران بأن لا تعيد بناءها خصوصا أن انقطاع التيار الكهربائي نجم عنه انفجار استهدف مولد الطاقة لآلاف من أجهزة الطرد المركزية التي تشكل الجزء الرئيسي من المشروع النووي الإيراني. وتقع منشأة «نطنز» الأكبر من نوعها في البلاد على بعد 260 كيلومترا من مدينة كاشان الإيرانية، وقد تعرضت المنشأة لعدد من الهجمات والحوادث في السنوات الماضية. وتضم المنشأة -المختصة في تخصيب اليورانيوم باستخدام أجهزة الطرد المركزي- نحو 50 ألفا من أنابيب نقل الغاز المتطورة، ما يسمح بإنتاج كميات من اليورانيوم. وفي عام 2010 تعرضت «نطنز» ومنشآت نووية إيرانية أخرى لهجمات «ستوكسنت» (Stuxnet) الإلكترونية التي تسببت في تعطيل أجهزة الحاسوب في «نطنز». كما تعرضت المنشأة لحريق في يوليو 2020 بالجزء الذي يقع فوق الأرض، والذي تعرض لأضرار جسيمة. لقد غطى الهجوم على محطة نطنز على الجهود على مسار السياسي في فيينا التي تهدف لتشجيع إيران للحد من برنامجها النووي، ومن المؤكد أنه سيعقد من جهود إدارة بايدن لتشجيع إيران العودة إلى الاتفاقية النووية لعام 2015 والتي تفاوضت عليها إدارة أوباما وقبلت فيها طهران بتخصيب كميات قليلة من اليورانيوم مقابل رفع العقوبات، بحسب ماذكرته صحيفة «نيويورك تايمز» أمس. وبناء على الظروف الراهنة، وضعف الردود الإيرانية على ضربات لطمتها بعنف سابقا، ومنها تصفية قاسم سليماني والخبير النووي الإيراني محسرضا زادة؛ فإن النظام الإيراني لن يكون أمامه إلا القبول بالأمر الواقع وجر ذيال الخيبة.. نظام يواجه مأزقا حقيقيا في محادثات فيينا.. وقرب انهيار الاتفاق النووي.. ونطنز أضحت في مهب الريح.. ومن ثم أصبحت خيارات طهران «صفرية»... نعم نظام خامنئي يتجرع السم مجددا.