مِن تمام الأخلاق أن نشكر من يسعى خلف ستار صنائع المعروف.. استوقفني شكر الإعلامي المصري المتألق مجدي الجلاد على منصته، مجهودات حكومة خادم الحرمين الشريفين على ما يقدمونه من خدمات جليلة لزوار بيت الله الحرام والمسجد النبوي، وكيف استعرض طيبة شعب أهل المدينةالمنورة وسِعة صدورهم ورحابة أذرعهم وابتساماتهم الدؤوبة التي أنستهُ عناء السفر، وجعلته يشعر بترحاب وكأنه في نعيم دفء منزلهِ، وأنهى لقاءهُ بالدعاء لأرض مهبط الوحي. سافرت بخيالي لذكرى ما قبل زيارتي لأرض الكنانة وما كان يُقال عنها وعن شعبها البسيط البشوش، الذي يفتخر دوماً ببناء رمز من رموز عجائب الدنيا، وبامتلاكه نهر النيل الذي يطلقون عليه «إكسير الحياة»، حينها استفزني فضولي بكشف حقيقة ما سمعت من تبجيل، وعندما وطأت قدماي أرضها انتابني شعور غريب وهو الألفة والأمان، وأول ما شد انتباهي كانت ابتسامة ضابط الجوازات الذي رحب مبتسماً قائلاً: «أهلاً بك البيت بيتك».. وكان هذا شعارهم. وأنا أكتب هذه المقالة تذكرتُ فصلاً من فصول روايتي «أم الفضل»، التي تخللتها أحداث عدة، منها موقف المواطن الإنسان «رفعت» الذي كان يمتهن مهنة «ضابط» حين قدم كل أسباب السعادة وأغدق بكرمه بطل الرواية «أحمد»، الذي لم يتأخر أو يتقاعس ولا لوهلة حين خُطف «محمد» في مدينة الإسكندرية، فلبى نِداء الاستغاثة في منتصف الليل تاركاً أهل بيتهِ في حفظ الله، وبعد دراسة وخطط تدل على عمق تفكير استراتيجي لدى الضابط المصري، تمكن من إعادة «محمد» إلى أحضان أمهِ من غير أن يُصاب بأي مكروه، وهنا كانت لي وقفة أخرى حين قال لأحمد: الزوار كالمواطنين لدينا لهم حق الرخاء وأمنهم مسؤوليتنا. فيأتي من لا خبرة له ويكون أرعنَ في تصرفاته، ليشكك في الوحدة العربية، فليعلم الغرب وكذلك المغررون من ضعاف النفوس، أن العرب في جميع أقطارها حكومةً وشعباً أمةٌ واحدة.