هل وضعت «الحرب الباردة» الجديدة بسبب اللقاحات المضادة لكوفيد-19 أوزارها في القارة الأوروبية؟ هل تمثل معاودة «كبار أوروبا» الإقبال على لقاح أسترازينيكا-أكسفورد الإنجليزي نهاية لأكبر أزمة دبلوماسية يشهدها العالم في أتون جائحة فايروس كورونا الجديد؟ الإجابة ليست سهلة، على رغم تعدد المعطيات. صحيح أن إعلان وكالة الأدوية التابعة للاتحاد الأوروبي (الخميس) في بروكسل وأمستردام أن اللقاح الإنجليزي آمن وفعال، وأن فوائده تفوق أضراره أزال الجانب الأكبر من الأزمة المفتعلة بشأن رصد حالات لأشخاص أصيبوا بجلطات في الوريد والرئتين بعد خضوعهم للتطعيم بهذا اللقاح. بيد أن صحف بريطانيا وشاشات شبكاتها الإخبارية تطفح بالشماتة على الأوروبيين، خصوصاً ألمانياوفرنسا. وبغض النظر عن الجيرة اللدودة تاريخياً بين الفرنسيين والإنجليز، وماضي العداوة الدموي بين الإنجليز والألمان؛ فإن الأزمة جاءت في وقت تواجه فرنساوألمانيا موجة ثالثة من الهجمة الفايروسية، أدت إلى إعلان الإغلاق الكامل في باريس وعدد كبير من محافظات البلاد. كما أن ألمانيا تتلظى بتلك الموجة إلى درجة العودة إلى ما يشبه الإغلاق. وفي مقابل ذلك تنعم بريطانيا بهدنة تأمل بأن تكون دائمة مع الفايروس اللعين؛ إذ تواصل انخفاض كبير في عدد إصاباتها الجديدة ووفياتها منذ أسابيع. كما استمر توسع حملة التطعيم البريطانية، بواقع 660 ألف جرعة يومياً، بحسب أرقام الجمعة. ووصل عدد من تم تحصينهم من الفايروس في بريطانيا أمس إلى 26.2 مليون نسمة. وحصل رئيس الوزراء بوريس جونسون (الجمعة) على جرعته الأولى. ومن المفارقات أنه حصل عليها في الوقت نفسه تقريباً الذي خضع لها في باريس رئيس الوزراء الفرنسي جون كاستيكس، وسفيرة فرنسا لدى بريطانيا في لندن. كما قالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في برلين أمس الأول إنها ستتطعم باللقاح الإنجليزي! وقال: وزير الصحة الألماني جينس سباهن الليل قبل الماضي إن بلاده تواجه الموجة الثالثة. وزاد أن عدد الإصابات الجديدة متزايد، وأن الأسابيع القادمة ستشهد تحديات جمّة. وعلى رغم تدخل وكالة الأدوية الأوروبية لمصلحة اللقاح الإنجليزي، فإن الحملة الأوروبية أسفرت عن شعور عدد متزايد من السكان، حتى في بريطانيا، بالتردد من الخضوع للقاح الإنجليزي. وزاد الطين بِلَّةً قرار فرنسا (الجمعة) العودة لاستخدام لقاح أسترازينيكا فقط للأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 55 عاماً! علماً أن فرنسا كانت رفضت اعتماد لقاح أسترازينيكا أول الأمر مدعية، على لسان رئيسها إيمانيول ماكرون، أنه لا توجد بيانات تثبت فعاليته على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً. وإلى جانب فرنساوألمانيا، تشهد إيطاليا وتشيكيا وبولندا ارتفاعات مثيرة للقلق في عدد الإصابات الجديدة. وبات في حكم المؤكد أن الاقتصاد الألماني، وهو الأكبر أوروبياً، سيستمر خاضعاً للقيود والإغلاق حتى الشهر القادم. وقالت منظمة الصحة العالمية أمس الأول، إن أوروبا تشهد حالياً عدداً من الوفيات أكبر مما شهدته في مارس 2020. وحذرت بوجه خاص من الوضع في البلقان ووسط القارة الأوروبية، حيث تعتبر نسب التنويم والوفاة الأعلى على مستوى العالم. وقال رئيس وزراء فرنسا كاستيكس إنه قرر أن يتطعم بلقاح أسترازينيكا أمام عدسات المصورين في باريس ليساعد في حض «المترددين» على الإقبال على التطعيم. وقالت الرئيسة التنفيذية لوكالة الأدوية الأوروبية إيما كوك أمس الأول: لدينا لقاحات آمنة وفعالة لابد من استخدامها.