تصارع أوروبا على جبهتين حاميتين. فهي تخوض صراعاً مريراً ضد لقاح أسترازينيكا-أكسفورد الإنجليزي، بدعوى أنه يتسبب في جلطات دموية لبعض من يتطعمون به. كما أنها تواجه موجة ثالثة من هجمة فايروس كورونا الجديد، خصوصاً فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا. وفيما أعلنت الأخيرتان إغلاقاً مشدداً، لم يستبعد رئيس وزراء فرنسا جون كاستيكس أن تضطر حكومته للجوء إلى الإغلاق إذا استفحلت الأزمة الصحية. وعلى النقيض من ذلك تنعم بريطانيا بانخفاض عدد الإصابات الجديدة إلى ما دون 5 آلاف (الإثنين)، وهبوط عدد الوفيات بالوباء إلى أقل من 200 وفاة. على صعيد تردي الأزمة أوروبياً؛ بدأ أمس الإغلاق في معظم أرجاء إيطاليا، فيما تشهد المشافي الإيطالية ضغوطاً قصوى، جراء تزايد عدد المصابين. ويأتي هذا الإغلاق الثالث بعدما أضحت إيطاليا العام الماضي أول دولة تعلن الإغلاق لكبح تفشي الوباء. وتزداد محنة إيطاليا جراء تباطؤ حملة التطعيم بلقاحات كوفيد-19، إذ لم يتم حتى الآن تطعيم أكثر من 7% من سكان البلاد، بالجرعة الأولى فحسب. وأعلنت إيطاليا أنها سجلت 62062 إصابة جديدة السبت. وقال وزير الصحة روبرتو سبيرانزا (الأحد) إن المدارس، والمطاعم، والحانات، والمتاجر غير الأساسية ستغلق حتى 6 أبريل القادم. أما فرنسا، فأعلنت أنها سجلت 32326 إصابة جديدة السبت. واضطرت مستشفيات منطقة باريس إلى إرسال مرضى إلى مستشفيات في الأقاليم النائية، بسبب كثرة عدد المنومين في وحدات العناية المكثفة في العاصمة. وقالت الحكومة إن عدد المنومين في وحدات العناية المكثفة بلغ أمس (الإثنين) 6300 شخص. وأقرت السلطات بأن حظر تجوال تفرضه من السادسة مساء كل يوم لم يجد في كبح تفشي الوباء. وقال رئيس الخدمة الصحية الوطنية الفرنسي جيرومي سلومون، في مقابلة تلفزيونية أمس: إذا اضطررنا إلى فرض الإغلاق مجدداً فسنعلنه. وزاد: الوضع معقد، ومتوتر جداً، ومتدهور في منطقة باريس. وفي ألمانيا، حذر علماء تستشيرهم الحكومة الألمانية من أن الموجة الثالثة من الهجمة الوبائية قادمة للبلاد الشهر القادم. وحذروا من تخفيف التدابير الوقائية المشددة المفروضة حالياً. وسجلت ألمانيا السبت 12674 حالة جديدة، و239 وفاة بالوباء. وارتفع العدد الإجمالي للوفيات هناك إلى أكثر من 73 ألفاً. وقال مسؤولون من الحزب الحاكم إن إجراءات الإغلاق السابقة ليست كافية لصد تفشي السلالة البريطانية من فايروس كورونا الجديد. وأضافوا أن حكام المقاطعات سيعقدون اجتماعاً برئاسة المستشارة أنجيلا ميركل في 22 مارس الجاري لدرس الوضع. وتواجه الحكومة الألمانية انتقادات واسعة النطاق بسبب تباطؤ حملات التطعيم، ونقص اللقاحات. وعلى صعيد الجدل في شأن استخدام لقاح أسترازينيكا الإنجليزي فهو لا يزال محتدماً منذ إعلان عدد من الدول الغربية وقف استخدامه، إثر إصابة بعض من تطعموا به لخثرات دموية. وانضمت هولندا، والجمهورية الآيرلندية، وإيطاليا إلى الدول التي قررت وقف التطعيم باللقاح الإنجليزي؛ فيما تمسكت شركة أسترازينيكا بأنها راجعت سجلات أكثر من 20 مليوناً تطعموا بلقاحها في بريطانيا ولم تصادف مشكلة من ذلك القبيل. وأكدت، في بيانٍ الأحد، أن سجلات 17 مليوناً تم تلقيحهم بهذا اللقاح في بريطانيا وأوروبا لم تورد أية حادثة تتعلق بتجلط الدم. وكانت الدول التي قررت تعليق استخدام لقاح أسترازينيكا أبلغت حتى 8 مارس الجاري عن 15 جلطة في الساق، و22 جلطة في الرئة. وقالت مستشارة اللقاحات السابقة لدى منظمة الصحة العالمية هيلين هاريس إن على السياسيين أن يتصرفوا بحذر شديد إزاء هذه الأزمة، حتى لا تتضرر حملات التطعيم في العالم. جونسون يعترف بالتأخر في «الإغلاق الأول» ذكرت صحيفة «ديلي تلغراف» أمس أن أعواناً مقربين إلى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أفضوا لها بأن جونسون أقر لهم بأنه أخطأ حين تباطأ في اتخاذ قرار الإغلاق الأول في ربيع 2020. وأضافوا أن جونسون قال إنه لو عاد به الزمن للوراء فسيتصرف بجرأة وسرعة ومن دون إبطاء. وأشارت الصحيفة إلى أنه فيما تقترب الذكرى السنوية الأولى للإغلاق؛ وعلى رغم أن جونسون حظي بالإشادة بدوره في قيادة حملة التطعيم؛ إلا أنه لا محالة سيأتي يوم يواجه فيه السؤال الصعب عن السبب الذي جعل بريطانيا تضحي بأكبر عدد من الوفيات في أوروبا، وخامس أكبر عدد من الوفيات على مستوى العالم. وكان جونسون أبلغ في 14 مارس 2020 بأن الأزمة الوبائية أضحت خطرة جداً، ما يوجب الإغلاق. لكنه تباطأ في اتخاذ القرار حتى 23 مارس 2020. ويقول العلماء إن هذا التماطل أدى إلى مضاعفة عدد الوفيات بالوباء خلال الموجة الأولى من الهجمة الوبائية. وتوقعت «ديلي تلغراف» أن يتراشق المسؤولون وموظفو الحكومة بالاتهامات مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لإعلان الإغلاق الأول.