لاقى حديث وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشيخ الدكتور وليد الصمعاني أخيراً، أصداء مجتمعية وحقوقية حول التصدي لزواج القاصرات واستحقاق الزوجة التعويض عند إثبات الطلاق أو الرجعة من الزوج. واعتبر مختصون نظام الأحوال الشخصية الذي يدرس حاليا مع مجموعة من الأنظمة العدلية، خارطة طريق جديدة للأسرة السعودية في مرحلة تشهد تطورات متسارعة في القضاء تتعلق بحقوق الأمهات والزوجات والأبناء، تسدل فيها التشريعات والأنظمة الجديدة الستار عن كثير من قضايا تعلقت وتأخرت بسبب استغلال بعض الرجال للواقع؛ فالأنظمة الجديدة تعالج أي معضلات ومصاعب تعاني منها النساء كتزويج صغيرات مراهقات واستغلال المرأة وحرمانها من حقوقها وكيانها. اكتشفت طلاقها بعد وفاة زوجها.. طار الإرث ! في رأي المحامية غفران عاشور، في الفقه الإسلامي، يقع الطلاق كتابيا سواء على ورقة أو برسالة نصية أو لفظيا في حضورها أو غيابها. أما الرجعة فبالقول أو الفعل، ولله الحمد أصبحت هناك خدمة «إثبات رجعة» عبر موقع وزارة العدل. وفي هذا الشأن ترافعت في قضية بمحكمة الأحوال الشخصية، مضمونها أن الزوج قام بإيقاع الطلاق على زوجته عن طريق رسالة ورقية ولم يخبرها شفهيا، وعند وفاته فوجئت زوجته بأنها مطلقة وأنها لا تدخل في الميراث وأدخلها ذلك في مشاكل مع الورثة. وأما ما يخص تزويج القاصرات فهو أيضا من الأمور المهمة التي تعاني منها النساء منذ عقود ولم يلتفت لها النظام لإنصافهن، ففي القرار ردع لمن يناصر هذا الأمر. ونشكر وزير العدل على القرار المنصف والعادل للمرأة لئلا يتم استغلالها وحرمانها من حقوقها الشرعية والحفاظ على كيانها وقوتها. معلقات وأزواج في العسل القاضي السابق الشيخ يوسف غرم الله الغامدي يقول: هناك تعثرات مرصودة في ما يتعلق بقضايا المرأة والأسرة والحضانة وما يتخللها من الضياع والمساومة، وعدم التفعيل الفاعل لقضاء الصلح، وإشكالات القضايا العقارية وحجج الاستحكام والصكوك والتأخر في البت في قضايا الإرث وقضايا تجار الشنطة والمساهمات، ولا يعقل أو يقبل شريعة وقانونا ونظاما أن تبقى المرأة معلقة بالسنين العجاف والزوج يتزوج ما شاء من النساء، ولا يعقل ولا يقبل أن تطلب البينة على التقرير الطبي من الزوجة على اعتداء زوجها عليها وهي في بيته وفي داخل غرفة نومه وبين يديه وفي حرزه، من للضعفاء؟ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول أحرج عليكم حق الضعيفين المرأة واليتيم. نتطلع أن تتحقق الجهود على أرض الواقع للنهوض والارتقاء والتطور في مجال القضاء والقانون والعدالة الناجزة. أما المحامية سمية الهندي ففي رأيها أن إصدار الأنظمة واللوائح الجديدة المتعلقة بنظام الأحوال الشخصية بالقضايا المتعلقة بالمرأة يعود بالنفع عليها لحمايتها من الضرر والإسراع في إعطائها حقوقها كاملة، إذ إن بعض الأزواج يتعمدون الإضرار بزوجاتهم في ما يتعلق بإنهاء العلاقة الزوجية أو في حقوق الأبناء، فوجود عقوبات على من يتعمد الإضرار يعجل ويساعد في إعطاء الحقوق لأصحابها؛ سواء كانت حقوقا مالية أو معنوية، ويسرع في ذلك إنهاء إجراءات التقاضي والتنفيذ، كما أنه من الناحية الإجرائية يعطي قوة للأحكام الصادرة من القضاء، إضافة إلى أن الأنظمة جاءت لتوحيد الأحكام الصادرة من القضاء وعدم تباينها. وتضيف الهندي: كنا نلاحظ في السابق تباينا في الأحكام ومماطلة في إنهاء القضايا متعمدا من الأزواج. وثبة ضد تسلط الأزواج أكد رئيس اللجنة القضائية لوقف العين العزيزية العضو السابق في المجلس الأعلى للقضاء الشيخ أمين مرداد، أن تطوير منظومة التشريعات المتخصصة، لا سيما ما يتعلق بالمرأة والأسرة، يعزز الحقوق ويسهم في تحسين جودة الحياة وحماية حقوق الإنسان في كافة المجالات ومنها الجانب الأسري. ولفت إلى أن نظام الأحوال الشخصية يحقق مزيداً من الأمن والاستقرار الأسري، وتضمن مشروع النظام ترسيخ اعتبار إرادة المرأة من بداية عقد الزواج إلى نهايته، وتنظيم قضايا العضل، كما رتب جزاءً مدنياً متعلقاً بالتعويض في حال الإخلال ببعض الحقوق والواجبات كتأخير إثبات الطلاق أو الرجعة من الزوج. كما نظم تفاصيل الانفصال بما يراعي مصلحة الأطفال بالمقام الأول في قضايا النفقة والحضانة والزيارة، وبما يراعي حقوق الزوجين، ولا شك أن التشريعات الجديدة في ما يتعلق بالأسرة ستكون وثبة كبيرة في مجال ضبط أي تسلط أو ظلم على المرأة من بعض الأزواج غير المبالين، فضلا عن بقية التشريعات المهمة التي تعد لبنة مهمة من لبنات التطوير. محكمة أم حلبة صراع ؟ القاضي السابق في وزارة العدل المحامي والمستشار القانوني الدكتور عبدالعزيز الشبرمي قال إن المنازعات التي تعقب فرقة الزوجين لا تزال تخضع لأخلاقيات الزوجين، ومن الممكن اتخاذ المحاكم حلبة للصراع، وميداناً للتشفي والانتقام من طرفي الانفصال، يساهم ويذكي الصراع والنزال قبول دعاوى النفقات الماضية دون معيار زمني محدد، وغياب محددات الحضانة واستحقاقها، وخضوع مقدار النفقة ومواعيد الزيارة للتقدير غير المنضبط من خبير غير متخصص، وغياب النص المجرّم للمتلاعبين بمشاعر الطفولة، وتجييشها ضد الآخر، وعدم وجود نص يجرّم حرمان أحد الأبوين من أولاده، أو زرع الكراهية المقيتة تجاهه، الأمر الذي نتمنى أن يكون في أولويات التشريعات القضائية المرتقبة. التعنت والدعاوى الكيدية المحامية مسرة هاني فتياني قالت إن عدم تمكين المأذونين تزويج القاصرات بعد تطبيق نظام الأحوال الشخصية الذي تم الإعلان عن ملامحه الأساسية، يعد نقلة نوعية كبيرة ومهمة لحماية المجتمع وإنصاف المرأة وتحصين الأسرة من القضايا والمشاكل التي كانت تنتج عن تعنت بعض الأزواج والرجال في القيام بمسؤولياتهم الشرعية والقانونية تجاه حقوق المرأة كزوجة أو كمطلقة أو كأم للأبناء. وتشهد المحاكم الكثير من القضايا التي تعاني فيها المرأة الكثير من المشقة في البحث عن قضايا إثبات الطلاق والحضانة والنفقة؛ إذ تشهد أروقة المحاكم عددا كبيرا من القضايا التي تؤثر سلبا على الأم وأطفالها ويعتبر ذلك عنفا أسريا ماديا ومعنويا وتقصيرا خطيرا تجاه حقوق الأطفال ووالدتهم وكأن الطلاق رخصة لإهمال الأطفال ووالدتهم وإرهاقهم في أروقة المحاكم وإدخالهم في مسائل وقضايا شرعية ذات حساسية سببها الخلاف بين الأب والأم لتصفية الخلافات ويقع كثير من الصغار ضحية الصراع. وما أعلن عنه ولي العهد عن الترتيبات القضائية الجديدة وصدور نظام للأحوال الشخصية ويوضع معها في الاعتبار نظام حماية الطفل كلها تصب في مصلحة توفير الاستقرار والأمان للأمهات وأطفالهن وحمايتهم من التعنت من بعض الرجال بما في ذلك الحد من الدعاوى الكيدية. التحقيق مع مأذون مخالف أكدت الإدارة العامة لمأذوني عقود الأنكحة في وزارة العدل على المأذونين التوقف عن عقد أي زواج أحد طرفيه يقل عمره عن 18 عاما إلا بعد الرجوع للمحكمة لاستكمال الإجراءات النظامية. وكان وزير العدل وجه بمساءلة أحد مأذوني الأنكحة أجرى عقد نكاح لمواطنة دون سن الثامنة عشرة ما يعد مخالفا لتعليمات وزارة العدل القاضية بمنع أي عقد زواج لمن دون الثامنة عشرة إلا عقب استكمال الإجراءات النظامية. وكانت هيئة حقوق الإنسان السعودية أوصت بسرعة إصدار قانون يحدد عمر الزواج ب18 عاما، ويمنع ما دونه، كون هذا العمر يعد مرحلة طفولة، وفقا لما أشارت إليه الأنظمة المحلية والاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، ونظام الحماية من الإيذاء ونظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص، وكذلك الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي أصبحت السعودية طرفا فيها. وأوضحت أنها درست مع عدد من الجهات الآثار السلبية المترتبة على الزواج المبكر دون سن ال18، مشيرة إلى أن نظام حماية الطفل حمّل والدي من هو دون ال18، أو من يقوم برعايته، مسؤولية تربيته وضمان حقوقه، والعمل على توفير الرعاية له وحمايته من الإيذاء والإهمال. وبينت الهيئة في تغريدة لها على موقع التواصل الاجتماعي أن سنَّ مثل هذا القانون سيعزز حماية الحق في تكوين وتحمل بناء الأسرة بما يحافظ على استمرارية الحياة الزوجية والعيش باطمئنان. 2613 حكما يوميا في الأحوال الشخصية تختص محاكم الأحوال الشخصية بالنظر في جميع مسائل الأحوال الشخصية والقضايا المتعلقة بالأمور الزوجية؛ ومنها إثبات الزواج والطلاق والخلع وفسخ النكاح والرجعة والحضانة والنفقة والزيارة، والدعاوى الناشئة عن مسائل الأحوال الشخصية. كما تختص بقضايا الإنهاءات مثل إثبات الوقف والوصية والنسب والغيبة والوفاة وحصر الورثة، وإقامة ولي على قاصر، والدعاوى مثل دعوى الحضانة و دعوى النفقة ودعوى العضل. وطبقا لإحصاء أخير لوزارة العدل؛ بلغ إجمالي الأحكام الصادرة من محاكم الدرجة الأولى لشهر ذي القعدة لعام 1441 أكثر من 57 ألف حكم، بزيادة قدرها 13% من الأحكام الصادرة في الشهر نفسه من العام الماضي. وتراوح عدد أحكام القضايا الصادرة يوميا بين 2295 و3005 أحكام في اليوم الواحد بمتوسط 2613 حكما، وشكلت قضايا الأحوال الشخصية نسبة 27% من أحكام محاكم الدرجة الأولى، وبلغت الأحكام في قضايا الأحوال الشخصية في الإنهاءات نسبة 63%، بينما شكلت الأحكام في الدعاوى نسبة 37% منها. انتهاكات وضياع الحقوق أستاذ نظام الأسرة في جامعة الملك عبدالعزيز الخبير في مجمع الفقه الإسلامي الدكتور حسن محمد سفر، قال إن مشروع نظام الأحوال الشخصية بيّن آليات الزواج والخطوبة وأركان عقد الزواج وشروط صحته وحقوق الزوجين، واعتبر سن 18 عاما سن الرشد لتطبيق نظام الأحوال. ومنع توثيق عقد الزواج ما لم يتم الزوجان 18 عاماً، وللمحكمة أن تأذن بزواج من لم يتم الثامنة عشرة من عمره؛ ذكراً كان أو أنثى، إذا كان بالغاً بعد التحقق من مصلحته في الزواج وفق الإجراءات المنظمة. واشترط لصحة عقد الزواج تعيين الزوجين، رضا الزوجين والإيجاب من الولي، شهادة شاهدين. كما أوضح آلية تسليم المهر كحق للمرأة لا تجبر على أي تصرف فيه، ومنح النظام كلا الزوجين حقوقاً وواجبات، ومن بين حقوق الزوجة النفقة والمبيت والعدل، وألا يتعدى على مالها وقد نص النظام على أنه يحق للزوجة الامتناع عن دخول بيت الزوجية حتى تقبض مهرها ويهيأ لها المسكن المناسب. وأضاف سفر أن بعض الآباء يخالفون قواعد وآداب وأحكام الولاية، بل نسمع ونرصد أحيانا انتهاكات صارخة وضياعا لحقوق الأمانة. وأوضح أن المأذون الذي يعقد النكاح يلتزم وفق النظام بما نصت عليه نصوص الشريعة في العقد، وما أوضحه النظام المتعلق بوثيقة عقد النكاح وكتابة وتدوين الولي الشرعي وكذا جميع ما هو مدون في دفتر الضبط، خصوصا معلومات العروس إن كانت بكرا أو ثيبا والحصول على موافقتها وتدوين التقرير الطبي وبقية الشروط. كما أن الشهود لهم دور كبير في المسؤولية. الفسخ بناء على طلب الزوجة المحامي حكم الحكمي أوضح أن نظام الأحوال الشخصية المرتقب أوجب على الزوج توثيق الطلاق أمام الجهة المختصة خلال مدة أقصاها 15 يوماً، ولا يخل ذلك بحق الزوجة في إقامة دعوى إثبات الطلاق. وأتاح النظام للمحكمة بأن تفسخ عقد الزواج بناء على طلب الزوجة إذا امتنع زوجها عن الإنفاق أو إذا ادعى الزوج الإعسار بالنفقة الواجبة لزوجته ولها أن تطلب فسخ العقد فوراً كما تفسخ المحكمة عقد الزواج بناء على طلب الزوجة لإضرار الزوج بها ضرراً بيناً يتعذر معه دوام العشرة بالمعروف، وللزوجة حق طلب فسخ النكاح بسبب غياب زوجها ما لم تكن غيبته لعمل وللزوجة طلب فسخ النكاح بسبب فقد زوجها أو غيابه بعد مضي مدة تقدرها المحكمة لا تقل عن سنة ولا تزيد على سنتين من تاريخ تغيبه. وروت الناشطة الاجتماعية عضو جمعية طيبة سابقاً رانيا عقاد، قصصا تعج بها أروقة المحاكم بسبب استغلال بعض الرجال لسلطتهم، ومن المهم القول إن مشروع نظام الأحوال الشخصية سيحقق الطمأنينة للأسرة، وسينهي من معضلات المرأة التي تتعرض في كثير من الأوقات إلى مشاكل لا حصر لها، فثمة زوجات حرمن من الإرث لاكتشافهن أنهن مطلقات بلا ورقة وأخريات حرمن من حقهن في الحصول على ورقة طلاقهن أو إثبات زواجهن، فضلا عن وجود بعض الآباء لا يتورعون عن تزويج الفتيات الصغيرات؛ إما بسبب العادات والتقاليد أو بسبب الطمع أو الجشع أو حب المال أو تحقيق أمور شخصية بأن يزوج ابنته المراهقة إلى شخص مقابل أن يتزوج الأب من إحدى أقارب العريس، خلاف الغش والتدليس اللذين تتعرض لهما زوجات في مرحلة ما بعد الزواج ما تسبب لهن في متاعب كثيرة. ضوابط الزواج المبكر قصر مشروع ضوابط الزواج المبكر الإذن بعقد النكاح لمن دون سن الثامنة عشرة؛ ذكرا كان أو أنثى، على المحكمة المختصة، وشددت الضوابط على المحكمة المختصة التأكد من توافر الشروط اللازمة؛ ومنها أن يكون طلب الإذن بعقد النكاح مقدما من الشاب أو الفتاة (الراغبين في الزواج)، أو وليهما الشرعي، أو والدة أي منهما. وأن يتحقق القاضي المختص من موافقة الشاب أو الفتاة من خلال الإقرار الصريح أمامه، وكذلك سماع ما لدى الأم. وشددت الضوابط على أن يتحقق القاضي المختص من بلوغ الراغبين في الزواج والاكتمال الجسمي والعقلي لهما، وأن الزواج لا يشكل خطرا عليهما، وذلك بموجب تقرير طبي -بناء على طلب من القاضي- صادر من اثنين من الأطباء من ذوي الاختصاص وفق ما تحدده وزارة الصحة ويكون التقرير معتمدا من جهة طبية حكومية، إضافة إلى تقرير نفسي واجتماعي -بناء على طلب من القاضي- صادر من لجنة مكونة من اثنين من ذوي الاختصاص في المجال النفسي والاجتماعي، ويمكن -بحسب الإمكانات المتاحة- الاكتفاء بتقرير صادر من أحدهما، ويكون التقرير معتمدا إما من وزارة الصحة أو من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية أو إحدى الجمعيات أو المؤسسات الأهلية ذات الاختصاص؛ وفقا لدليل الجهات الحكومية والخيرية والخاصة الذي تعده وزارة العدل، على أن يتضمن التقرير إيضاحا لمدى التكافؤ النفسي والاجتماعي للزوج والزوجة. وأكدت الضوابط على الجهات ذات العلاقة اتخاذ ما يلزم من إجراءات لضبط أي مخالفة لهذه الضوابط، وتطبيق نظام حماية الطفل على المخالف، ومنح القاصر أو أي من والديه الحق في تقديم دعوى في حال نشوء خلاف بين الزوجين، أو تعرض أي منهما للضرر.