اعتبر وزير الري والموارد المائية المصري السابق الدكتور محمد نصر الدين علام، أنه من الصعب التكهن بما تحمله الأيام القادمة بشأن مسار أزمة سد النهضة وطرق حلها. وقال في حوار ل«عكاظ» إن مصر والسودان لم يشيرا إلى احتمال نشوب أي مواجهة عسكرية مع أثيوبيا بشأن أزمة السد، بل طالبتا باستكمال التفاوض للتوصل لاتفاق قانوني ملزم لجميع الأطراف. ولفت علام إلى أن أديس أبابا رفضت وساطة الولاياتالمتحدة ، بعدما طالبت القاهرة بذلك، مؤكدا أنه لا اتفاق بدون تدخل دولي . ونفى ما يتردد عن وجود مقترحات بملء السد فى 7- 10 سنوات، وأن تلك المعلومات لا أساس لها من الصحة. وإلى تفاصيل الحوار:- * مع التقارب المصري - السوداني أخيراً، هل أصبحت كل الاحتمالات مفتوحة ومنها اللجوء لتوجيه ضربة عسكرية لسد النهضة ؟ ** التقارب المصري السوداني ضروري للدولتين، ومهم لتأمين وسلامة الجنوب العربى الإستراتيجى، إلا أنه لم تشر أي من الدولتين إلى أي مواجهة عسكرية مع أثيوبيا بشأن أزمة سد النهضة، بل بالعكس أعربت الدولتان عن أملهما باستكمال التفاوض للتوصل لاتفاق قانوني ملزم حول قواعد الملء والتشغيل وطالبتا بتدخل عدد من الوسطاء الدوليين على رأسهم الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة. * كيف ترى التنسيق الأخير بين البلدين، وهل سيؤدي لإحداث تغيير جذري في موقف أثيوبيا من الاستمرار في ملء السد ؟ ** التوافق المصري السوداني وتبعاته على أزمة سد النهضة، قد تكون له أشكال شتى، ومن الصعب التكهن بما تحمله الأيام القليلة القادمة. تكرار سيناريو نهري «أومو» و«جوبا» * هل ترى أن اللجوء لطرف دولي رابع قد يؤدي لفك تعثر المفاوضات؟ وما أكثر النقاط الخلافية بين الدول الثلاث بشأن السد ؟ ** أثيوبيا ترفض الاتفاق، ولنتذكر قول وزير خارجيتها بعد الملء للسد" إن النيل الأزرق تحول إلى بحيرة أثيوبية"، وأديس أبابا ترى أن كل الأنهار النابعة من أراضيها ملكها، ولنأخذ نهر «أومو» المشترك مع كينيا مثالاً، إذ بنت عليه سلسلة سدود ضخمة وصل ارتفاع الثالث منها إلى ارتفاع عمارة بها أكثر من 90 طابقاً، وهجرت مواطنيها من المنطقة وأحضرت شركة لزراعة قصب السكر، وإنشاء عدة مصانع لإنتاج السكر وتصديره، والنتيجة جفاف بحيرة توركان فى كينيا التى كانت تعتمد على مياه هذا النهر، مع هجرة عشرات الآلاف من سكان كينيا بحثاً عن مصدر آخر للحياة، إضافة إلى نهر «جوبا» المشترك مع الصومال، الذي كانت تقوم عليه زراعات فى الصومال تقرب من 100 ألف فدان، وبعد إنشاء أثيوبيا عليه السدود جف النهر وفسدت الزراعات، وهاجر المواطنون فى الصومال، وأثيوبيا تسعى لتكرار نفس السيناريو على النيل الأزرق، وعلى تحجيم التصرفات المائية الذاهبة لمصر والتحكم فيها إستراتيجياً، أملاً فى تغيير الميزان الاستراتيجى للقوى في القرن الأفريقي، وبالطبع أثيوبيا تسير في هذا المخطط بدعم من قوى خارجية، والخلاصة أن أثيوبيا لن توافق على أي اتفاق حول سد النهضة إلا إذا تدخل المجتمع الدولي. تشغيل السد هو الهدف * في حالة الملء الفعلي لسد النهضة، ما الآثار المتوقع حدوثها على مصر والسودان ؟ ** ملء سد النهضة ليس هو الهدف الأثيوبي بحد ذاته، بل تشغيل السد هو ما تسعى إليه والذي لن يكتمل إلا بعد الملء وهو ما لم يتم الاتفاق عليه بعد، ولم يتم التفاوض حول سنوات الملء، ولكن تم التفاوض حول مراحل الملء، وكيفية الملء تحت ظروف الفيضان المختلفة عالية أو متوسطة أو ظروف جفاف، وأثيوبيا ترفض الموافقة على الطلبات المصرية فى هذا الشأن، كما لم يتم الاتفاق حتى الآن حول كيفية اقتسام مياه ملء الخزان بين مصر والسودان، ولكن من المفروض أن يتم الاتفاق على من يتحمل نقص إيراد النيل الأزرق من المياه، أو بمعنى آخر كيف تقسم مياه (74 مليار م 3، إضافة إلى فراق التخزين) بين مصر والسودان. * لماذا تتمسك أثيوبيا بملء السد، ورفض المقترح المصري بالملء في فترة بين 7- 10 سنوات؟ ** مصر طالبت بالوساطة من قبل، ولم توافق أثيوبيا حتى على الولاياتالمتحدة كوسيط، بل وافقت عليها كرقيب فقط. وحالياً مصر والسودان يطالبان بمجموعة رباعية للوساطة، وأثيوبيا ترفض ذلك، لذا يجب أن يتدخل المجتمع الدولي للسعي لإلزام أديس أبابا باتفاق يحمي حقوق الدولتين، كما أنه لا توجد مقترحات لملء السد بين 7- 10 سنوات، وكلها أنباء لا أساس لها من الصحة.