في يوم واحد الأربعاء الماضي أطلقت مليشيا الحوثيين طائرتين مسيرتين مفخختين إلى المملكة؛ الأولى أصابت طائرة مدنية في مطار أبها والثانية تم تدميرها وهي متجهة إلى مدينة خميس مشيط، ثم أتبعت ذلك بعدد آخر من الصواريخ والمسيرات يومي الخميس والجمعة. حدث ذلك خلال وجود المبعوث الأممي مارتن غريفيث والمبعوث الأمريكي الجديد لليمن في الرياض لبحث الملف اليمني مع المسؤولين السعوديين، وبعد تصريح الرئيس بايدن في خطابه الرئاسي عن تبنيه للحل السلمي للأزمة اليمنية، وترحيب المملكة بذلك لأنه يتطابق مع توجهها الرئيسي الذي تسعى إليه وتدعمه. إذن هناك تصعيد فوري يمثل رسالة رمزية تعبر عن موقف تجاه الحراك السياسي بخصوص الحل في اليمن، رسالة أكبر من أن يصدرها الحوثي أو تكون معبرة عنه، وإنما هي رسالة من اللاعب الأساسي الإيراني إلى الراعي الأمريكي الجديد وشريكه السعودي، لخلط الأوراق في بداية مرحلة جديدة، والضغط من أجل المناورة بخصوص الملف النووي الإيراني وغيره من الملفات في العلاقات الإيرانية الأمريكية، والحضور الإيراني في بؤر الأزمات في منطقتنا. والغريب أن يحدث هذا التصعيد بعد العربون الذي قدمه الرئيس بايدن بإيقاف تصنيف الجماعة الحوثية منظمة إرهابية، وفق فلسفة إدارته لهذا القرار وحيثياته، لتثبت الجماعة الحوثية له وللعالم أنها لن تكون سوى مليشيا إرهابية مارقة وعصابة حرب بالوكالة. كنا وما زلنا نبدي انزعاجنا من التعامل الأممي الرخو مع الحوثيين الذي شجعهم على التمادي في العبث باليمن والاعتداءات المتكررة على مناطق المملكة، ولكن يبدو أن الإدارة الأمريكية الجديدة لن تكون أفضل حالاً، فهي واقعة في تناقض واضح بين ادعائها الحرص على أمن المملكة وتعاملها الناعم مع المليشيا الحوثية، وبين تبنيها الحل السلمي وعدم اتخاذ موقف حاسم من تمرد الحوثيين على هذا المسار. والحقيقة أن التجاوزات الحوثية ضد المملكة بلغت حداً لا يمكن التساهل معه من أجل الحفاظ على إمكانية الحل السلمي للأزمة اليمنية، والتعامل الأممي والأمريكي الرخو سيؤدي إلى تأزيم الأمور أكثر، والمملكة رغم امتصاصها للاستفزازات الحوثية الإيرانية المستمرة إلا أنها لن تستمر طويلاً متفرجةً على هذا العبث، وأمريكا وشركاؤها في الغرب سوف يحرقون ما تبقى من اليمن بحساباتهم الخاصة التي أدت إلى ما يقترب من الاحتضان والدعم للمليشيا الحوثية. [email protected]