حرصت السعودية من اللحظة الأولى لاندلاع أزمة اليمن، بعد انقلاب الحوثي المدعوم من النظام الإيراني، على الشرعية اليمنية عام 2014، على إعطاء أولوية قصوى للحل السياسي المبني على المرجعيات الدولية، إلا أن مليشيا الحوثي الإرهابية استمرت في قتل وتدمير الشعب اليمني ورفضت الالتزام بمخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية وقرارات الشرعية الدولية. واستمر موقف المملكة في الدفع بالحلول السياسية إلا أن التدخلات الإيرانية ودعم طهران مليشيا الحوثي بالسلاح والصواريخ أنهى أمل الحلول السلمية. لم تتردد المملكة إطلاقاً في الترحيب بما ورد في خطاب الرئيس الأمريكي جو بايدن في ما يتعلق بالأزمة اليمنية؛ فضلا عن تثمين التزام الولاياتالمتحدة بالتعاون مع المملكة للدفاع عن سيادتها والتصدي للتهديدات التي تستهدفها إلى جانب التأكيد على موقف المملكة الثابت في دعم التوصل لحل سياسي شامل للأزمة، والتنويه بموقف واشنطن على أهمية دعم الجهود الدبلوماسية، لحل الأزمة اليمنية وهو الذي دأبت عليه الدبلوماسية السعودية ورفضها النظام الإيراني والحوثي، والمملكة قامت بعدد من المبادرات لتعزيز فرص التقدم في المسار السياسي، بما في ذلك إعلان التحالف العربي لدعم الشرعية وقف إطلاق النار بشكل أحادي استجابة لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة. والمملكة التي سعت طوال السنوات الماضية في إعطاء أولوية للحوار والحل السياسي تتطلع إلى العمل مع إدارة الرئيس بايدن ومع المبعوث الأمريكي لليمن، والأمم المتحدة وكافة الأطراف اليمنية ودول التحالف في سبيل التوصل إلى حل سياسي شامل في اليمن. لقد انتهجت المملكة طوال فترة الأزمة النهج المؤسساتي العالمي وطالبت بضرورة التزام الحوثي بقرار مجلس الأمن رقم (2216) والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني للعبور باليمن الشقيق نحو الاستقرار والنماء بعيدا عن التدخلات الإيرانية، والحفاظ على وحدة وسيادة واستقرار اليمن وسلامة وأمن الأراضي السعودية، وستستمر المملكة في جهودها لتخفيف المعاناة الإنسانية للشعب اليمني، حيث بلغ ما قدمته من عون في هذا الشأن للأشقاء في اليمن أكثر من 17 مليار دولار خلال السنوات القليلة الماضية. لقد ضربت مليشيا الحوثي بقرارات الشرعية الدولية عرض الحائط واستهدفت المدنيين في السعودية بالصواريخ والطائرات المفخخة التي تتمكن قوات التحالف من اعتراضها وتدميرها. وسارعت الحكومة اليمنية لتأييد أول كلمة للرئيس الأمريكي جو بايدن حول السياسة الخارجية للإدارة الجديدة، إذ تضمنت الدفع باتجاه التوصل إلى تسوية شاملة في اليمن ومواصلة واشنطن تعهداتها لرفض الهجمات الحوثية على الأراضي السعودية. ولم يكن موقف بايدن إزاء الأزمة مفاجئا، في ظل الإشارات التي بعثت بها إدارته بشأن توجهها للحل السلمي لإيقاف الحرب في اليمن. وتزامن الموقف الأمريكي مع إعلان واشنطن عن تعيين الدبلوماسي الأمريكي تيموثي ليندركينغ مبعوثاً خاصاً إلى اليمن، في مؤشر إلى جديتها في إحداث اختراق في الملف اليمني، والانخراط الأمريكي الكامل لحل الأزمة من أجل إعادة اليمن إلى مسار السلام. لقد جاءت الرغبة الأمريكية مكملة للمواقف السعودية الداعية إلى ضرورة وضع حد للحرب في اليمن وممارسة ضغوط متزايدة على المليشيات، وهو ما أوضحه نائب وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان عن تطلع الرياض إلى مواصلة العمل مع شركائها الأمريكيين للحد من تدهور الوضع الإنساني وإيجاد حل لأزمة اليمن، وضمان السلام والاستقرار في هذا البلد، مشيراً إلى أن المملكة، حتى قبل أن يطيح الحوثي المدعوم من إيران بالحكومة اليمنية، لم تدخر أي جهد في إيجاد حل سياسي مستدام للأزمة وفق المرجعيات الثلاث ودعمها الشرعية اليمنية سياسيا وعسكريا في مواجهة المليشيات الحوثية المدعومة من إيران في كل الجبهات وبكل حزم. وأكدت مصادر سياسية مطلعة أن الكرة الآن في ملعب طهران كون المشكلة لدى النظام الإيراني، والحل في الرياض، والضامن إدارة بايدن التي تقع المسؤولية عليها لتجاوز العقبات والتصدي لأي مخاطر إيرانية تهدد الأمن الإقليمي والتعرض لعصب الاقتصاد العالمي. المملكة كانت وما زالت مع الحل السياسي للأزمة اليمنية.. والتساهل مع نظام خامنئي يعيد المنطقة للمربع صفر.. الحل في الرياض.. والمشكلة في طهران.. والضامن واشنطن.. هذه هي المعادلة.