عند النظر إلى وجهي العملة: البرّاق والداكن في ثقافة عمل الشركات.. يظهر الوجه الأول الذي يمثل الموظفين السعوديين الذين يستمرون في العمل داخل القطاع الخاص لسنوات، والوجه الآخر، يمثل من يتم تسريحهم من العمل نهاية العام.. وبينهما الكثير من المفارقات والمقارنات عن مفهوم بيئة العمل التي تميّز كل وجه عن الآخر. الموظف الذي يعمل في القطاع الخاص -تحديدا الشركات الكبيرة والمتوسطة- يتم تهيئته جيدا لخوض الرحلة المضنية والماراثون الطويل الذي سيركض فيه من اللحظة وصاعدا. فيتم تعريفه على نوعية العمل المطلوب منه.. والجهد الذي يجب عليه أن يبذله.. والأهداف التي عليه تحقيقها بصبر وجلد ومثابرة. العمل في القطاع الخاص ليس رحلة ترفيهية.. فتحقيق الأرباح في ظل المنافسة القوية والشرسة في السوق لا يجعل تحقيق الربح متعة.. بقدر ما يجعله سير على طريق ممهدة بالأشواك. ومن هنا، تظهر نوعية الوجه الآخر الذي يتم تسريحه نهاية العام.. وربما قبل نهاية العام. التهيئة تشمل السلوكيات التي تتنافى بديهيا مع طبيعة أي عمل.. وتشمل أيضا التفاصيل الصغيرة التي تؤثر على ثقافة الشركة ككل. على سبيل المثال: موظف القطاع الخاص يعرف جيدا أن الغياب المتكرر سيكون سبباً في تسريحه، والتأخير والخروج المبكر، وإضاعة وقته ووقت الآخرين سيكون سبباً في تسريحه، بل حتى سلوكياته وألفاظه داخل بيئة العمل، أو على وسائل التواصل الاجتماعي.. كلها أسباب مباشرة لتسريحه من العمل. يضاف على رأس القائمة الإخفاق في الإنجاز الذي يمهّد سريعا للتسريح من أي وظيفة في القطاع الخاص: أي عدم تحقيق الأهداف المطلوبة. الموظف المُنجز يُعتبر من الغالبية الصامتة؛ التي تقوم بعملها كما يجب.. وتسعى لتحقيق أهدافها الخاصة في ظل الفرص الممكنة والمتاحة في بيئة العمل التنافسية؛ بيئة.. البقاء للأفضل. مصطلح البقاء للأفضل.. هو كلمة السر في عمل الشركات.. لأن الأفضل هو من يحقق وينجز.. والمديرون والرؤساء يقدّرون كثيرا من يحقق أهداف الشركة ورؤيتها؛ بمعنى أن من يعمل بجد ومثابرة وشغف يكون هو المفضّل لديهم.. بغض النظر عن جنسه أو لونه أو عمره أو دينه أو جنسيته.. البقاء للأفضل. الشركات لا تهتم بجنسية التي يعمل لديها.. بل بتحقيق الأرباح والتوسع وزيادة الدخل.. وهذا حق مشروع للجميع. الموظفون والموظفات السعوديون الذين يسيرون في هذا الركب بنجاح ويملؤون تلك الفراغات الوظيفية بكفاءة.. لا تكون أسماؤهم موجودة في قائمة التسريح السنوية للشركات والقطاعات الخاصة.. بل على العكس يتم تكريمهم باستحقاق.. ليس من أجل أعينهم.. بل من أجل أدائهم وإنجازهم وشغفهم. كاتب سعودي [email protected]