في يناير الجاري وجهت انتقادات عالمية لتطبيق واتساب، والسبب تحديث جديد يطلب من مستخدميه الموافقة على مشاركة بياناتهم مع فيسبوك، أو حذف حساباتهم في 8 فبراير القادم، وهذا التغير في سياسة الخصوصية أربك ملياري إنسان يستخدمون واتساب، لأنه جاء بصيغة انتهازية وكأنه يفرض أمراً واقعاً، ولاعتقاد بعض المستخدمين أنها ممارسة خاصة بواتساب، والحقيقة أن معظم تطبيقات المراسلة الفورية، تقوم بأعمال لا تقل في خطورتها عن ذلك ولا تستأذن أحداً. إعلان واتساب الذي تم تأجيله إلى أبريل، جاء كنتيجة لتراجع قيمة التطبيق السوقية، وربما لبحث تخريجات مناسبة لإعادة المحاولة بطريقة دبلوماسية، والشركة المالكة لواتساب استثنت دول الاتحاد الأوروبي من تحديثها تجنباً لملاحقاتها القضائية، وتوجد قضية مرفوعة في المحاكم الهندية على خلفية التحديث الأخير، وفيها أنه ينطوي على تهديد للأمن القومي الهندي، وفي الهند أكثرمن أربعمائة مليون يستخدمون واتساب. المدافعون عن حقوق حماية البيانات لا يرغبون في تكرار سيناريو 2019، عندما تم الكشف عن استخدام بيانات شخصية لمستخدمي فيسبوك بطريقة غير قانونية، ومن ثم بيعها لشركة تحليل بيانات اسمها كامبريدج أتاليتكا، واستثمارها في التأثير على نتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية لسنة 2016، وفي استفتاء البريكست على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وقد حققت لجنة فيدرالية أمريكية في القضية، وانتهت بقبول فيسبوك لتسوية تدفع بموجبها غرامة مالية، وكان مقدار الغرامة خمسة مليارات دولار. مستخدمو التطبيقات والمنصات المجانية هم السلعة محل المتاجرة، فتقديم بياناتهم ومعلوماتهم للمعلنين والمستثمرين يعطيهم ميزة تنافسية، ونسبة كبيرة من مستخدمي واتساب هاجروا إلى سيغنال، وقد لا يعرفون بأن الثاني فكت شيفرته من قبل شركة سيليبريت الإسرائيلية للذكاء الرقمي، بعدما لوحظ استخدامه بشكل واسع في أوساط المجرمين ولعقد الصفقات المشبوهة، وجاء فك الشيفرة لمساعدة الجهات الأمنية في أعمالها ولحماية المجتمعات. لعل الأصعب من تحديثات واتساب هو تطبيق تيك توك الصيني، الذي مارس انتهاكاً لقواعد خصوصية مستخدميه ولمدة 18 شهراً، ولم يتوقف إلا بضغط سياسي من واشنطن، ولقيام شبهة تهديده للأمن الوطني الأمريكي، بالإضافة لرموز QR أو ما يعرف بالباركود، فالاعتماد عليها زاد في جائحة كورونا، ومزاياها متعددة ولكنها معرضة لسوء استخدام مخترقي الجوالات، وخصوصاً في مجال سرقة البيانات والأموال وتحديد الموقع الجغرافي لمستخدميها، وشركات التطبيقات لديها أولوياتها الاقتصادية وربما السياسية، وتملك أسهماً في أسواق البورصة العالمية، واللاعبون الكبار يضغطون عليها ويجبرونها أحياناً على تنازلات مؤلمة، ولا بد من تطبيق وطني يحل الإشكال، وأجد أن تطبيق بينغمي السعودي الذي سينطلق في فبراير يمثل مبادرة جيدة، وبشرط الاستثمار في الشراكة السعودية الإستراتيجية مع مجموعة علي بابا الصينية، وتوظيف خبراتها في ابتكار بديل وطني منافس يحل محل التطبيقات الأجنبية. BaderbinSaud@