كل مشكلة تعالج بمضادها تبقى قائمة وقد تطور من قوتها حتى تصبح أزمة، والملاحظ أن البعض من المتحدثين في الشأن العام يذهبون إلى رصد الظواهر الاجتماعية السلبية ومحاولة علاجها بإيجاد الحلول في مضادات أخرى تقع على القطب الإيجابي، قد تبدو هذه الطريقة منطقية لكنها ليست العلاج في الحد من أي نوع من الظواهر حتى إن أدت دورها فيه بشكل نسبي وبسيط. من المعروف أن الظاهرة الاجتماعية مهما كان اتجاهها سلباً أو إيجابًا؛ تنشأ بالاشتراك بين مجموعة من الأنساق والسياقات الاجتماعية المترابطة، فهي تؤثر وتتأثر، بينما يعتبر الخلل في منظومة قد يلحق الضرر بالأخريات والعكس صحيح، والواقع أن الحاجة في رصد الظواهر الاجتماعية بحاجة إلى الموضوعية والقدرة على التحليل والبحث في جوهر الظاهرة، هذا يعني أن يتم علاجها بمنهجية البحث العلمي الذي يبحث في أسباب نشأتها بالطريقة التي تسهل علاجها وتحد من استمراريتها إذا لم تكن جيدة، بمقابل العمل على تعميقها والحفاظ عليها وتنميتها إذا كانت العكس، فلا يمكن لأي منّا أن يغير سلوك الشخص المؤذي بالوعظ واستدعاء الأخلاقيات، بل يعني حاجتنا للسؤال الذي يقول ما الذي يدفعه إلى فعل الأذية؟! وأن نحدد الاختيار المنهجي السليم في التعامل مع هذه الظواهر. الكثير من الظواهر تملأ الطرح الثقافي لكن التعامل معها لا يقوم على أسس منهجية وعلمية في الغالب إلا من قبيل القلة المتخصصين، وهذه من الأخطاء الفادحة التي يقع فيها بعض من يتحدثون في الشأن الاجتماعي عندما يحيدون المشكلة وظروفها عن واقعها الحقيقي بنصيحة أو رسالة وعظ!