اختيار محافظة العلا موقعا لانعقاد القمة الخليجية ال41 يوجه الكثير من الرسائل السياسية والتاريخية إلى العالم الخارجي أولا وإلى الدول الخليجية ثانيا، ذلك أن الرسالة الأولى التي تريد قمة العلا توجيهها إلى العالم الخارجي هي وحدة الثقافة والتاريخ بين دول مجلس التعاون، فضلا عن العودة إلى الماضي بكل ما فيه سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، في اللحظة التي يعيش العالم حالة من التفكك والتصدع. من هذا المكان التاريخي ثمة علامة فارقة في مسيرة العلاقات (الخليجية - الخليجية)، إذ تحول العالم في هذه الفترة إلى دول معزولة تارة ودول متصارعة ومتناقضة تارة أخرى، بينما ما زال مجلس التعاون التكتل الاقتصادي والسياسي والاجتماعي يقوم بدورها في حفظ الأمن والاستقرار. لقد شكلت طبيعة الدعوات التي أرسلها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز صورة أولية لغاية المملكة في جمع دول مجلس التعاون الخليجي على قلب رجل واحد ضد التحديات الدولية والإقليمية، وفي مقدمتها الأخطار الإيرانية المحيطة بالعرب ودول الخليج، إذ تتطلب هذه الأخطار وحدة الموقف الخليجي لردع كل المحاولات الإيرانية التي تسعى لزعزعة الأمن والاستقرار، وهذا من شأنه أن يفرض تحديات كبيرة على كل دول مجلس التعاون. المملكة العربية السعودية اعتادت أن ترسي مع شقيقاتها من دول مجلس التعاون دعائم القوة والثبات وتحصين الخليج من كل محاولات خارجية، وهذا ليس بمسؤولية المملكة فحسب، بل تدرك كل دول المجلس هذه التحديات، إلا أن المملكة الرائدة في جمع دول الخليج على مصير واحد هي الآن من تتقدم المشهد من محافظة العلا. من العلا ثمة رسائل تاريخية تريد السعودية التأكيد عليها، وهي وحدة التاريخ والمصير والمعطيات الثقافية والاجتماعية، وبالتالي لا بد من الحفاظ على هذه المعطيات الحيوية والخاصة لدول مجلس التعاون الخليجي. الترقب والأمل والتفاؤل هو سيد الموقف في قمة العلا، إذ إن المرحلة الحساسة من تاريخ المنطقة الخليجية، تحتاج إلى قرارات مصيرية على مستوى العلاقة الخليجية الوطيدة، هذه البقعة التي ما زالت تحتفظ بميزاتها التاريخية والجغرافية والسياسية والاقتصادية، وبالتالي لا بد من صون هذه المعطيات والميزات من أجل استمرار المسيرة الخليجية لأجل شعوبها وإرساء الاستقرار في ظل تلاطم أمواج الفوضى في الشرق الأوسط. ومع حالة الأمل والتفاؤل بالمزيد من التلاحم الخليجي، فإن منسوب الثقة من شعوب الخليج بقادتهم عال.