استطاعت العديد من المجتمعات التخلص من بعض آثار العنصرية والمناطقية والطبقية التي سادت في أعوام مضت في العديد من المجتمعات، ولكن المناطقية بمفهومها كانت تلقى بظلالها بين حين وآخر بسبب بعض الأفكار المجتمعية الخاطئة من فئات محدودة لا تمثل المجتمع بكافة أطيافه، إذ إن مصطلح المناطقيه أثر بشكل أو بآخر على المجتمعات ورقيها في شتى مفاصل الحياة، وانعكس أيضاً على التنمية الاجتماعية في العديد من الدول، وهي ظاهر تنشأ في كثير من الأحيان بسبب التشبث ببعض القيم والمبادئ والأفكار والرواسب الاجتماعية المتوارثة، التي يغذيها التعصب غير العقلاني لتدفع البعض لممارسة سلوكيات خاطئة تهدف مثلاً للاستئثار بمزايا معينة أو تعويض خلل أو نقص أو تمييز أشخاص بسبب نسبهم أو مكانتهم الاجتماعية في منطقتهم التي يقيمون فيها، وعندما ترتبط تلك الظاهرة بمنظومة العمل المؤسسي في العديد من بيئات العمل الخاصة أو الحكومية يطرح ذلك العديد من التساؤلات حول النتائج المترتبة عليها، وكيفية محاربة تلك الظاهرة، ووضع حلول تحد من استفحالها، خصوصاً أنها مؤشر خطير قد يؤثر بشكل أو بآخر على بيئة العمل النموذجية، ومن صور ذلك محاباة البعض على حساب الآخرين، مثل إنجاز خدمات معينة، أو حصول فرد على ميزة أو وظيفة لا يستحقها بسبب انتمائه لمنطقة دون الأخرى، أو مجاملة قريب أو ابن على حساب شخص مؤهل، إضافة إلى استقطاب أشخاص بعينهم من منطقة معينة، أو استئثار مجموعة من الأفراد بمناصب قيادية بسبب انتمائهم لمنطقة معينة، مما قد يتسبب في عدم تكافؤ الفرص وانعدام المساواة وقيم العدالة والشفافية المطلوبة، وتكريس مفهوم الإقصائية في العمل، وإيجاد بيئة محبطة للعاملين تنعكس بشكل سلبى على تحقيق الأهداف الموضوعة للمنظمة. وقد حرصت حكومتنا الرشيدة على محاربة مثل هذه الظواهر السلبية، إضافة إلى أهمية وجود تركيز من الجهات المختصة على وضع خطط علاجية لمثل تلك الظواهر السلبية ومتابعة بؤر وجودها للحد منها والقضاء عليها، ولعل وجود استراتيجيات تكاملية في عمليات الاستقطاب والاحلال وتنويع الموارد البشرية أمر مهم وله نتائج إيجابية، بل إن أهمية وجود توزيع عادل وتمثيل يأخذ في الاعتبار المناطق والأعمار والمؤهلات والكفاءة أمر مفيد إضافة إلى التركيز على زرع قيم العدالة والشفافية ونبذ الإقصائية ومحاربتها، ولنا في رسولنا الكريم أكبر مثال «لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوي». أخيراً.. من الأهمية بمكان في حال وجود جهات تعاني من هذه المشكلة التركيز على سياسات إحلال كوادر مؤهلة تأهيلاً جيداً، وتستطيع تفهم احتياجات المنظمة المختلفة من الكوادر الفاعلة.