بينما عادت المدائن تدب فيها الحياة، وعادت الشوارع تنبض بجلبة المارة وتأنس بضوضاء السيارات، عادت غصتها بالاستيلاء على أرصفتها من قبل المتسولين والمتسولات. تلك الظاهرة التي كلما ظننا أنها اختفت أو غاب روادها تعود مجدداً، وحتى مع التشديد على عدم التجمعات في الأماكن العامة، وحرصاً على عدم تفشي فايروس «كورونا» نراهم يتخطون القوانين، ويعودون لمزاولة مهنتهم المعتادة باكتساحهم الشوارع والأحياء دون التفكير بخطر التسول، والتنقل دون الحرص على الالتزام بالإجراءات الوقائية للبالغين فيهم والأطفال، بل وجدوا سبباً وطريقة جديدة للاستجداء الكاذب واستعطاف الكثيرين بحرفية عالية، تمكنهم من سلب جيوب المارة دون وعي أو تردد، حين يعللون أن للجائحة التي مرت على البلد دوراً رئيسياً في إيقاعهم في دائرة الفقر وإرغامهم على مزاولة التسول. وفي كل مرة يكون لهذه الشريحة سبب وجيه يتناسب مع الأحداث الراهنة في البلد. ملايين الأسئلة التي تقف متراصفة لتطرق باب العقل، أبرزها: هل فعلاً لا يمكن التصدي لهذه الظاهرة، ويجب التعايش معها، أم أن أصحابها يستخدمون أساليب حديثة تتلوى وتتجدد على حسب ما يكون عليه الوضع؟! بكل صدق لن يكون لمكافحة التسول دور فعال ومجد، إذا لم يتم تحديث الآليات والطرق.